أخضعت إيطاليا يوم الاثنين حوالي 60 مليون شخص من سكانها لقيود منع التنقل والسفر بين المناطق والمدن، مع استمرار ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد (كوفيد – 19) في جميع أنحاء البلاد.
وفي أقل من شهر، ارتفع عدد الإصابات بالفيروس التاجي من ثلاث حالات في البلاد ليسجل أكبر عدد من الحالات والوفيات خارج الصين، وفقاً لتقرير نشره موقع مجلة «تايم».
وقالت وكالة الحماية المدنية في إيطاليا أمس (الثلاثاء) إن عدد الوفيات بفيروس «كورونا» قفز بواقع 168 حالة إلى 631 شخصاً، وذلك بارتفاع نسبته 36 في المائة في أكبر زيادة يومية منذ ظهور المرض يوم 21 فبراير (شباط)، وفقاً لوكالة «رويترز».
وزاد عدد المصابين بالفيروس في إيطاليا، أشد بلدان أوروبا تضرراً بالمرض، إلى 10149 شخصاً، مقابل 9172 أمس، وذلك بزيادة نسبتها 10.7 في المائة.
وأوضح رئيس الوكالة أن 1004 مصابين تعافوا تماماً مقابل 724 شخصاً في اليوم السابق. ولا يزال زهاء 877 شخصاً يخضعون للعلاج في وحدات الرعاية المكثفة، مقارنة بالرقم السابق البالغ 733.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في خطاب متلفز يوم الاثنين، أثناء الإعلان عن إغلاق البلاد: «علينا جميعاً أن نتخلى عن شيء ما لصالح إيطاليا. لم يعد هناك وقت».
كيف بدأ الفيروس التاجي الانتشار في إيطاليا؟
بدأ انتشار الفيروس رسمياً في فبراير 2020 عندما دخل رجل يبلغ من العمر 38 عاماً إلى مستشفى محلي في بلدة كودوغنو في لومباردي. وقد ثبت أنه مصاب بالفيروس، وأصبح أول مريض مسجل مصاب بـ«كوفيد – 19» في إيطاليا.
ومع ذلك، يعتقد بعض مسؤولي الصحة أن الفيروس وصل إلى إيطاليا قبل اكتشاف الحالة الأولى بوقت طويل. وقالت فلافيا ريكاردو، الباحثة في قسم الأمراض المعدية في المعهد الوطني الإيطالي للصحة، لـ«تايم»: «ربما كان الفيروس منتشراً لبعض الوقت. حدث ذلك عندما كنا في ذروة انتشار مرض الإنفلونزا، وكان الناس يعانون من أعراضه».
وصرح رئيس قسم الطوارئ ستيفانو باجليا لصحيفة «لا ريبوبليكا» بأنه قبل الإبلاغ عن الحالة الأولى، كان هناك عدد مرتفع بشكل غير معتاد من حالات الالتهاب الرئوي سُجلت في مستشفى في كودوغنو بشمال إيطاليا، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن كثيراً من هذه الحالات كانت بالواقع تعاني من «كورونا»، وعولج الناس كما لو كانت لديهم إنفلونزا موسمية.
ومن المرجح أن المرافق الصحية التي استضافت هؤلاء المرضى أصبحت مواقع لنقل العدوى، مما ساعد على زيادة انتشار الفيروس.
وكانت المناطق الشمالية من لومباردي وفينيتو وإميليا رومانيا الأكثر تضرراً من تفشي المرض.
ويقبع 85 في المائة من المرضى المصابين في المنطقة التي تضم 92 في المائة من الوفيات حتى الآن. وتم تأكيد تفشي الفيروس في جميع مناطق البلاد العشرين.
لماذا يوجد في إيطاليا عدد كبير من الحالات والوفيات؟
يعتقد بعض المسؤولين أن انتشار الفيروس الذي لم يتم اكتشافه منذ البداية هو سبب العدد الكبير من الحالات في البلاد. وتقول ريكاردو: «بدأ هذا دون أن يلاحظه أحد، مما يعني أنه عندما أدركنا الأمر كان هناك كثير من سلاسل الانتشار التي تحدث»، مشيرة إلى أن هذا قد يكون السبب في أن إيطاليا قد شهدت مثل هذا العدد الكبير من الحالات.
ويعتقد بعض المسؤولين أيضاً أن إيطاليا التي أجرت اختبارات «كورونا» بالفعل لأكثر من 42 ألف شخص، قد يكون لديها عدد أكبر من الحالات المسجلة نتيجة لإجراء اختبارات أكثر صرامة من نظرائهم الأوروبيين. وقال لورنزو كاساني، مدير الصحة في عيادة للمسنين في لومباردي، لـ«تايم»: «قد يكون هذا تحيزاً… انظروا إلى عدد الاختبارات التي نقوم بها!».
ومع ذلك، أبلغت إيطاليا عن معدل وفيات أعلى من المتوسط بنسبة 4 في المائة. ويبلغ متوسط عمر مرضى الفيروس التاجي الذين توفوا بسبب الفيروس في إيطاليا 81، وفقاً للمعهد الصحي الوطني. ويمكن أن تواجه إيطاليا معدل وفيات أعلى من غيرها نتيجة لعدد السكان المسنين فوق المتوسط.
ويقول كاساني: «إيطاليا هي أقدم دولة في أقدم قارة في العالم. لدينا كثير من الناس فوق سن 65».
كما يوضح كاساني أن التلوث في شمال إيطاليا قد يكون عاملاً في ارتفاع معدلات الوفيات. ووفقاً لتقرير صادر عن منصة المراقبة الجوية السويسرية «آي كيو إير»، فإن 24 من أكثر 100 مدينة تلوثاً في أوروبا تقع في إيطاليا. ويقول كاساني: «أظهرت الدراسات وجود علاقة عالية بين معدلات الوفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي الفيروسية والتلوث. قد يكون هذا عاملاً».