• كيف يتلوث الهواء في العراق
عدت دائرة البيئة والمياه في وزارة التعليم والعلوم، في وقت سابق من العام الجاري، دراسة علمية عن تلوث الهواء والإجراءات المتبعة للحد من تأثير التغيرات المناخية في البيئة العراقية.
وتطرقت الدراسة إلى مصادر تلوث الهواء وانبعاث غازات الاحتباس الحراري في العراق ومساهمة القطاعات المختلفة في هذا التلوث وتأثيراتها في قطاعات الزراعة والبيئة والصحة والمجتمع والكيفية الواجب إتباعها للحد من الانبعاثات الغازية في قطاع إنتاج الطاقة.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة اعتماد الغاز الطبيعي في محطات توليد الطاقة الكهربائية، وتحسين نوعية الوقود المستعمل، في قطاع النقل والاعتماد على الطاقات المتجددة والتقليل من استعمال الوقود الاحفوري.
• مختصون: العراق في خطر
وفي نفس السياق يقول مختصون إن “هناك تزايداً واضحاً في الغازات السامة في هواء العراق نتجت عن تفاعلات في الجو وجعلت غاز ثنائي اوكسيد النتروجين اعلى نسبة، وهي ناجمة عن حرائق النفط والغازات المنبعثة من
عوادم السيارات والتغيرات الجوية”.
وأشار المختصون، إلى أن “الغازات هذه رافقها ارتفاع نسبة الملوثات وتنتشر حاليا بالعراق في البصرة ومناطق بالناصرية، وأيضا في الكويت وشواطئ سعودية ومدينة المحمرة الإيرانية”.
في المقابل خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن تأثير تلوث الهواء على الشخص المقيم في المدن بينها العراق، يعادل تدخين علبة سجائر كل يوم لمدة 29 عاما. وأشارت الدراسة إلى أن تلوث الهواء لا يؤثر على الرئة فقط، لكنه يؤثر على باقي أعضاء الجسم أيضا.
ورصدت الدراسة مدى تعرض سبعة آلاف شخص بالغ يعيشون بمدن مختلفة بالولايات المتحدة لغاز الأوزون على مستوى الأرض. ووجدت أن سكان المدن يتعرضون لما يتراوح بين 10 و25 جزءا من المليار من الأوزون، مع العلم بأن التعرض لثلاثة أجزاء في المليار من الأوزون يعادل تدخين علبة سجائر إضافية يوميا.
وبالتالي، فحتى الانتقال من منطقة تعاني من تلوث الهواء إلى مدينة أقل تلوثا لا يزال يمثل خطرا للإصابة بأمراض تنفسية مثل انتفاخ الرئة، وهو المرض الذي يرتبط عادة بالتدخين.
وحاليا تصف منظمة الصحة العالمية مستويات التلوث بالمدن بأنها باتت تشكل “حالة طوارئ صحية عامة” لأن 91 في المئة منا يعيشون في مناطق يتجاوز تلوث الهواء فيها الحد المسموح به من قبل المنظمة.
وحاليا يعيش نحو 55 في المئة من سكان العالم بمناطق حضرية. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 68 في المئة بحلول عام 2050، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن تؤثر المشكلة على أعداد أكبر من البشر لما تحمله حياة الحضر من تبعات خطيرة على الصحة البدنية والنفسية، في الوقت الحالي وفي المستقبل.
• الصحة العقلية
وتفيد النتائج الواردة من تحليل مجمع لعشرين بحثا على مدار الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية بأن الاضطرابات النفسية أكثر انتشارا بكثير بين سكان الحضر. وعلى وجه التحديد، يعاني سكان المدن من اضطرابات المزاج والقلق بمعدل أعلى بكثير.
وبمقارنة ذلك بمن يعيشون بالقرب من المياه نجد أنه كلما زادت مساحة ما يراه الناس من مياه بنسبة 10 في المئة، انخفضت درجتهم على مقياس كيسلر للتوتر النفسي بثلث نقطة.
ويعتقد الباحثون أن “زيادة ما يراه المرء من الفضاء الأزرق بما يتراوح بين 20 و30 في المئة قد ينقله من مستوى توتر متوسط إلى المستوى الأدنى”.
• التعليم
ومن المثير للدهشة أن العيش في المدن قد يجعل المرء أقل ذكاء، فقد وجدت دراسات أن الطلاب يحققون نتائج أسوأ في الامتحانات التي تجرى في الأيام التي تكون فيها معدلات التلوث أعلى.
ويؤثر هذا في الحياة لاحقا، فقد وجدت دراسة أجريت في إسرائيل أن المستويات العالية من تلوث الهواء بالجزيئات الدقيقة يوم امتحانات نهاية الدراسة الثانوية قد تركت أثرا سلبيا على أجور الأشخاص بعد تخرجهم.
• الوزن
كما ربطت دراسات بين تلوث الهواء والإصابة بالسمنة. وبينما لا يعرف الباحثون تحديدا كيف يحدث هذا، فهناك اعتقاد بأن التلوث يغير طريقة التمثيل الغذائي داخل الجسم، وربما يحدث هذا بسبب الالتهاب الذي يصيب الرئة جراء الجزيئات الملوثة، وهو ما يدفع الجسم لإفراز هرمونات تقلل فعالية الإنسولين بالشكل الذي يؤدي إلى رفع مستويات السكر في الدم.
وبينما يلجأ الجسم لتلك الوسيلة عادة ليكتسب ما يكفي من طاقة آنية لمواجهة خطر ما، فإن است
مرار تحفيز الجسم على هذا النحو بسبب تلوث الهواء قد يؤثر على المدى الطويل على كيفية تمثيل السكر، في خطوة أولى نحو الإصابة بالسكري.
وربما برهنت دراسات ضخمة، كدراسة كندية أجريت على 62 ألف مواطن، على نتيجة هذا البحث، إذ خلصت الدراسة الكندية إلى أن احتمال الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 11 في المئة لكل عشرة ميكروغرامات من الجزيئات الدقيقة في المتر المكعب من الهواء.
كيف ننقذ مدننا من هذا الوضع؟
لكن إضافة مساحات خضراء داخل المدن يحسن الوضع كثيرا، خاصة بالنسبة لأبناء الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المحرومة، كما أن إتاحة مساحات يمكن للمرء الاختلاء فيها بعيدا عن صخب المدينة من شأنها أن تساهم في تحسين الحالة الذهنية والنفسية للأفراد.
وفي بكين، يقال إن مرشحا بارتفاع سبعة أمتار يمكنه تنقية الهواء بمحيط يناهز ملعب كرة قدم في مساحته. ويشبه المرشح عشا عملاقا للنحل، ويمتص جزيئات ضارة من الهواء.
وفي مكسيكو سيتي، نُصب جهاز عملاق بجانب مستشفى مانويل غيا غونزاليس، ويعمل كمرشح لاستخلاص المواد الملوثة للهواء. ويقول مصمموه إن بمقدوره تنقية الهواء من انبعاثات ألف سيارة يوميا