اخبار محلية

ناكازاكي كما رأيتها

عمر البغدادي

تمر اليوم الذكرى الـ77 لضرب مدينة ناكازاكي اليابانية بالقنبلة الذرية والتي تسببت بحالة الدمار الشامل التي أصابتها والخسائر المادية والبشرية الفادحة،مما حدا باليابان على القبول بشروط الحلفاء والتي لاتزال اثارها شاخصة لغاية الان.

تشرفت في عام 2019 بزيارة هذه المدينة الجميلة ضمن برنامج وضعته وزارة الخارجية اليابانية لثلاث صحفيين من السعودية والبحرين وانا من العراق حيث كان البرنامج يتضمن زيارة العاصمة طوكيو ومدينة ناكازاكي.

وفعلا بعد اكمال جزء من البرنامج في العاصمة توجهنا الى هذه المدينة التي كنت احلم بزيارتها لأرى مالذي حصل بها بعد هذه الضربة،والتي تشبه الى حد كبير ماحصل في المدن العراقية الحدودية من دمار وسقوط ضحايا ابان الحرب العراقية الايرانية 1980 ـ 1988.

اوصلتنا الطائرة مساءاً اليها لتبداً مع ساعات الصباح الاولى جولتنا في هذه المدينة بالميناء،ومن ثم زيارة متحف “القنبلة الذرية” والاطلاع على ماموجود فيه من اثار الضربة حيث التقينا شخصاً يبلغ من العمر (86 عاماً)ليقول انا اعيش مسخراً حياتي لخدمة وطني من خلال عملي في هذه الحديقة الكبيرة في تقليم الاشجار وزراعة الازهار وشرح ماتعرضنا له في هذه الحرب والمعاناة التي لحقت بالناس.

ووجه رسالة لمن يملكون السلاح النووي بأن عليهم ترك مثل هذه الاسلحة الذي يدمر الانسان والارض واللجوء للبحث عن السلام ووسائل اخرى بعيدا عن اسلحة الدمار الشامل،مناشداً رؤساء الدول الذين يتمسكون بالسلطة ويسعون الى ادخال دولهم في صراعات ان يذهبوا عن كراسيهم حتى لايضرر شعبهم ووطنهم الى الدمار.

واصطحبنا المرشد السياحي تويورو ماتسووؤ في جولة حيث اكد ان كلفة بناء هذا المتحف التأريخي الكبير بلغت 6 مليارات و640 مليون ين وهو يحتوي على معلومات عن الذين قضوا حتفهم في هذه المدينة ووضعت اسماءهم في صندوق خاص ومعلومات عن اعمارهم وكيف كانت وفاتهم،وهو يحوي ايضا تاريخ مفصل عن اضرار هذه القنبلة التي سقطت على المدينة سواء في البشر او المباني او الاشجار.

وبين بأن القنبلة الذرية التي القيت على ناكازاكي في الساعة 11.02 صباحاً حولت المدينة الى خراب في لحظات واودت بحياة الكثير من الناس الابرياء،حتى الاشخاص الذين كتب لهم النجاة من ذلك الانفجار المروع عانوا من اثار عقلية وبدنية يتعذر الشفاء منها واضطرابات ناجمة جراء تعرضهم للاشعاعات.

وأكد اننا عاهدنا انفسنا على بان ننقل حقيقة الدماء الذي خلفته القنبلة الذرية لبني البشر في اليابان والعالم لنخبر الاجيال القادمة حتى تستقي العبر من دروس التاريخ وتكافح من اجل عالم مسالم هال من الاسلحة النووية.

وتصادفك عند دخولك المتحف بانوراما لمجسم يدل على مكان سقوط القنبلة واين امتدت اثارها في المدينة.

كما انك تجد الاثار لاتزال شاخصة على عدد من مبانيها وكأنها تذكرك بضربة بشعة بحق هذه المدينة وشعبها الامن.

وترى كيف تبدو الملابس بعد ان احترقت على اجسام مرتديها بعد الضربة ومالذي حصل ليد بشرية واخر ماتراه هو مجسم لحجم القنبلة التي القيت على ناكازاكي والصورة الشهيرة التي استطعت ان اصورها وهي لطفل ياباني يحمل جثة شقيقه الفقيد على ظهره في انتظار دوره امام مراسم حرق الموتى.

اما جوجي فوكاهاري (90 عام)وهو احد الناجين من القصف فقد عرض علينا بعض الصور ويقول كيف اصبحت هذه المدينة بفضل عزيمة واصرار الحكومة اليابانية على اعادة كل شئ الى ماكان عليه وافضل،حيث عشنا في بداية حياتنا في هذه المدينة بخوف،ولكن بالاصرار على الكفاح وبناء الانسان بالعلم وعدم اليأس جعلنا نشهد هذه الحضارة في هذه المدينة التي نراها اليوم،ناطحات سحاب وجسور وانفاق وحدائق،لقد وقع الانفجار في قلب المدينة ودمرت كل شئ،ومات الاطقال والرجال والنساء وكبار السن،وهنالك من اصيب بالسرطان والامراض الاخرى.

وتابع بأن القنبلة القيت من طائرة بشكل منخفض وكانت درجة الحرارة بعد سقوطها على الارض تصل الى 4000 درجة مئوية بحيث اذابت كل شئ من شدة الحرارة.

ودعا الامم المتحدة الى اتخاذ عقوبات بحق الدول التي تحاول صناعة القنابل النووية خصوصاً الدول المتهورة.

ناكازاكي رغم الدماء الذي لحق بها قبل 77 عام تعيش اليوم افضل سنواتها وتشعرك بالراحة النفسية وانت تزور شوارعها وتحس بطيبة مواطنيها وهم يرحبون بك على الطريقة اليابانية اضافة الى وجود المباني الحديثة والطرق السريعة التي تبهرك،الا ان اثار الضربة لاتزال شاخصة لتحكي للاجيال القادمة بشاعة الضربة النووية التي وجهت لها عام 1945.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى