مقالات

أعمالُ شعوذة خلف سِتار وسائلُ مروجة..

 

فاطمة غانم جواد _ بغداد


ظاهرةٌ أزلية شاعت بين الناس حتى أصبحت مراكز حيوية يرتادها الانسان حين يتعرض للتلكؤ في مسار حياته متخذاً من تلك الاكاذيب المُحرمة آمالا تُيسر له ما تَعسر، فجذورها وجدت منذ أن بدأ الإنسان حياتهِ قاسية الظروف دون أن يُحيطها مكان أو زمان معين لبدايتها فقد عرفتها المجتمعات الانسانية على اختلافها دون أن تتأثر بديانة معينة أو تقليد محدد فعمّ رواجها بين البشرية بل واستحدثت اساليباً متجددة مع تطور الزمن لم تكن معروفة من قبل ولم يُشهد لوجودها في السابق ، إلا أنها سلسلة من الاكاذيب والخرافات التي تمارس على يد مشعوذين اتخذوا من كِبارهم في السابق وسيلة للاستمرار في تعلمهم اصول السحر وتطويره لموائمة التطور الزمني حتى يتم تمريره بسهولة لنفوس البشر سيما الضعيفة منها، الأمر الذي لا يُفلح في نهايته كونه مرفوضاً ومستنكراً لدى أُسس وتعاليم الاديان السماوية كافة .
طريقٌ معلن غير خفي تتضح مساوئه في نتائجه الهادمة للهيكل الاجتماعي المفككة للروابط الاجتماعية ، فالكثير من الأسر تعرضت للتفكك العائلي ذات النسيج العاطفي وهذا يبرز بالطلاق وما يترك خلفه من آثار سلبية للأسرة والمجتمع فضلا عمّا يؤديه من انعكاسات تؤثر في صحة الإنسان وتهوي به لأمراض وعِلل قد تكون غريبة ومستهجنة لدى الأطباء أنفسهم أو تظهر على سلوكهِ وانفعالاته غير المبررة وتصرفاته ذات الطابع غير المألوف، الأمر الذي يصبح معروفا لدى الاخرين في إطلاقهم لفظة (المسحور) عنه ، وغالباً ما يتسبب بهذا الأمر الأشخاص الذين يعانون من ضعف نفسي يدفعهم لهلاك الانفس الأخرى بزرع الحقد بينهم التي تتحول لمشاكل عميقة يصعب حلها مما يُطيح بالنظام الاسري ، وهذا لا يتوقف على النساء فقط في عمل تلك الأعمال لغرض الطلاق أو المحبة أو الانجاب كما يقول البعض بل هنالك الكثير من الرجال يسلكون الطريق نفسه ضناً منهم أنه يجلب لهم الرزق والربح والحظ في تجارتهم الا ان الامر في واقع الحال بعيداً جداً عن هذه العقول بسيطة الادراك لأنها في النهاية أقدار كُتِبت وأرزاقٌ قُسِمت ولا يفلح المشعوذون مهما ظنوا بأعمالهم النجاح لأنها لم تؤسس على رضا الله تعالى وسُنة رسولهِ الكريم (عليه وعلى آله الطاهرين السلام) .
نطاقٌ فضائي واسع لإستيعاب الأعمال المشعوذة وتيسيرها للوصول إلى الأسر عبر الفضائيات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية للمشعوذين، هذا ما فتح الآفاق وهيأ الطرقات لبث تلك الأعمال وجعل المشاهد يصدق لِما يشاهد عن طريق إستمالته عاطفياً بأشخاص مدفوعي الثمن بذريعة انهم ذات مشاكل عائلية وأزمات نفسية تم حلها بفورية تامة عن طريق هذه الأعمال ووصفها بالروحانيات بدلا من المشعوذات ، مما يساعدهم على جني الأموال الطائلة من كافة الاصناف بل ويصل الأمر احيانا بوفود أُناس اجانب من دولٍ أخرى ليتعالجوا عند الدجالين لِما يشاهدون امام الشاشة من حقيقة تكون مُزيفة خلف الشاشة الأمر الذي يزيد من الإقبال على جني الأموال ولم يكتفي الحد عند العقول بسيطة التفكير بل تتعدى أحياناً كما قال اغلب المشعوذون وبصورة علنية كدِعاية لهم ولِمراكزهم الى كِبار المسؤولين ورُتب معروفة في الدولة يطلقون الوعود لهم بمراكز واموال تغدقهم حين فوزهم بإنتخاباتٍ ومناصب معينة أو التخلص من أزمات ومعوقات تقف في طريق نجاحهم و تمركزهم السياسي الأمر الذي يزيد من غرس جذور الشعوذة في المجتمع وانتشارها دون الحد منها بل وتمويلها مِمنْ يَقِفُ خلفها من عصابات مُتخفية بوشاحِ السلطة لأغلب الجهات التي تُدير عن كثب هذه المراكز وتساندها في التمويل والتمركز الأمر الذي يزيد من خطورة استفحال الشعوذة ومساوئها ذات الضرر الخاص على الفرد العام على المجتمع ، الأمر الذي يتطلب من وجود الرقابة القانونية والإعلامية على ما يتم نشره وترويجه عبر تلك الوسائل لتأثيرها العميق على الجمهور المستقبل لرسائلها الإعلامية مما يتطلب ان تكون رسائل موجهة ذات قيمة فكرية هدفها البناء بدلاً من الهدم، مما يتطلب المصداقية وبذل الجهود الرقابية لنجاح المجتمع وتقدمه بدلا من التراجع لأمور جاهلية تحط من قدر المجتمع ومواطنيه فالارتقاء الاجتماعي له ضرورة بعيدة الأفق عميقة الأثر في عقول الأجيال القادمة..

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى