مقالات

نساء من حديد

 

بقلم/ صباح المنصور


حينما ادخل السوق كي اتبضع لعائلتي يدهشني درس الحياة المتمثل بتلك الوجوه المباركة .. وجوه النسوة الخالدة وهن يفترشن الارض في مشهد يثير الدهشة والاحترام لما يحملن من ارادة و صبر تنحني لها كل خصال الرجولة .. تلك النسوة التي تكسب قوتها بشرف شامخ وهن يسابقن ساعات الصباح الباكر صيفا وشتاء من اجل رغيف خبز حلال وقد تركن خلفهن بيوت واعمال فيها الف قصة و قصة ليعقدن عهدا مع ذاك الرصيف الكريم الذي اصبح يعرفهن اكثر من اقرب الناس لهن.. الصراع مع الرزق طوال ساعات النهار وهن يفترشن تلك الارض برداء المجد والكرامة ليرسمن ازكى لوحات الجهاد.. تلك النسوة تخرجن من مدارس الشرف والاباء ..ليتكلمن بلغة تختلف عن جميع اللغات فتخرج من افواههن الكلمات ممتزجة بهذابة الاسلوب و اصالة التربية فتتوقف مجبرا على الشراء مما جاد عليهن الله من رزق تنوع بين خضرة و حليب و بيض و اشياء اخرى بسيطة .. لكن هذه الاشياء تمثل كدا عظيما تنتظره افواه تدربت على الصبر منذ اول نور بزغ في هذا الكون الغريب .. فعند ذلك انحني واشتري من تلك الايدي السمراء الممتلئة باخاديد العمر المتشابكة اكراما لذلك الصبر والقدرة على تحمل الصعاب مع عدم حاجتي له احيانا .. فاقع اسيرا في شباك كلماتهن السحرية ( هله يمه تفضل خوش خضرة و الله جديدة ) ..
وعندما اشتري منها ب( الف دينار ) تكرمني من خيرها وفضلها فتزيدني كرما بباقة او اثنتين وهي تقول ( وهاي زيادة من خالتك ) .. الله كم جميلة تلك العبارات التي تدخل القلب كنسيم العافية . سلاما لتلك الخطوط التي طرزها الزمن والتي تخبرنا عن عمر ترنح بين الكد الحلال و صعوبة المهمة لتظهر ملامحه على وجوهن المقدسة ..
فالف تحية لكل النساء المجاهدات وهن يكسبن ابرك الدنانير و اعظم الاحترام ..

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى