مقالات

حتى لايطير الأوكسجين !!

سعد رزاق الأعرجي

خوف وهلع ؛ فوضى وإهمال ومنظر مرعب لاتسر رؤيته ؛ مستشفى تغلي على صفيح ساخن ؛ الكل مرتبك ويسير دون هدى لمن الأسبقية ؟ لهذا ام لذاك ان الحضور كثير والمكان يضيق بنا ذرعا ؛ هناك في الممر الطويل ثمة ممرضة تجري وسط الزحام بخطوات متعثرة خلف طبيب سبقها بخطوات : دكتور أسرع ان الرجل ينازع فينظر لها نظرة القوي اليائس وبعيون حزينة ما ذا أفعل …أنه الأوكسجين ؛؛ وثمة شاب يافع يحمل اسطوانة تفوقه طولا ولايقوى عليها لكن حرقته على ما رآه من معاناة أمه جعله عملاقا ففعل وامرأة مسنة لامعيل لها تنادي بصوت خافت لايكاد يسمعه أحد : الرحمة ؛ الرحمة يا ملائكة الرحمة : وشباب بلغ منهم الغضب محله فاقتحموا دار استراحة الأطباء ليفرغوا جام غضبهم ؛ لكن لا أحد موجود فالكل يعمل لقد ضاع الجيش الابيض بين آهات المرضى وصرخات المواطنين . ووسط سكون بسيط ارتجفت أيدي الممرضين مع انطلاق صرخة أحد الرجال تكاد تبكي الصخر لا ..لا لقد مات أبي وانتم السبب وآخر اتخذ من اسطوانة الأوكسجين عدوا له فوجه لها ضربة برأسه وهو يردد اللعنة على الأوكسجين لقد فقدت أعز مخلوق على قلبي . الجميع في حيرة لم نعد نفرق بين الخائف وبين الساخط فجميع الوجوه بائسة وحزينة ؛ وثمة طابور من الشباب بانتظار وصول القناني وآخرون يتدافعون من أجل الحصول على اسطوانة أوكسجين تبرع بها مواطن عراقي بعد ان عجزت إدارة المستشفى على توفيرها عندما تعطلت منظومة الأوكسجين وهذا العطل تسبب بوفاة ثلاث ضحايا وأزمة حادة في المستشفى لتزداد حالات الوفاة فيخرج فجأة أحد الموظفين مستسلما يردد : لاحول ولاقوة إلا بالله لقد نفذت أكياس الجثث في المستشفى . هذا هو المشهد الذي تعيشه المستشفيات العراقية ؛؛ مشهد مرعب ينذر الكوارث والعراق لحد الآن لم يصل إلى ذلك الانهيار المخيف مقارنة مع دول العالم . خلاف بين وزارتين كان سبب بانهيار منظومة صحية كاملة والضحية هو المواطن ؛ فبين وزارتي الصناعة والصحة خلاف حول عدم تسديد الأخيرة المستحقات المالية للصناعة ولحين تسوية الأمور يبقى المواطن يقاتل الفايروس بطريقته . هذه واحدة من جملة مشاكل تسببت في إزهاق أرواح الآلاف من المصابين ؛ وهذه المشاكل كانت سببا في عزوف الكثير من المواطنين عن الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية خوفا من انعدام العناية الصحية يا أيها المسؤولون في وزارتي الصحة والصناعة اتركوا خلافاتكم جانبا واهتموا بما يجري على الأرض من كوارث واجتهدوا لتوفير هذه المادة التي أصبحت سيدة الموقف ؛ لأن الأوكسجين أصبح سر بقاء الإنسان على قيد الحياة واحرصوا على ان لايطير الأوكسجين فتكونوا على مافعلتم نادمين

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى