دريد توفيق
في عالمنا اليوم، حيث تلعب الانتخابات دورًا محوريًا في تشكيل مسار الديمقراطيات الحديثة، يصبح من الضروري أن تمتلك المجتمعات صحفيين متخصصين في الانتخابات، قادرين على تقديم تغطية موضوعية، متعمقة، ومبنية على أسس علمية. هنا يظهر مفهوم “الصحافة الانتخابية”، وهي ليست مجرد تغطية للانتخابات، بل هي علم وفن يحتاج إلى تدريب، معرفة، وخبرة ميدانية.
إن الصحفي الانتخابي يجب أن يجمع بين مهارتين أساسيتين: أولاً، الإلمام بالصحافة كعلم وفن، وهو يتطلب دراسة أكاديمية وتدريب عملي في وسائل الإعلام المختلفة. وثانيًا، المعرفة العميقة في الأنظمة الانتخابية، وآليات التصويت، وإدارة الحملات الانتخابية، وهي عناصر تتطلب دراية علمية وخبرة عملية.
لقد قضيت سنوات في دراسة الأنظمة الانتخابية والتعمق في تفاصيل الحملات الانتخابية، من خلال البحوث والدراسات المتخصصة التي أعددتها. هذه الرحلة المعرفية كانت أولى خطواتي نحو تحقيق حلمي بأن أصبح “الصحفي الانتخابي”. ولكن لتحقيق هذا اللقب بشكل كامل، هناك حاجة لتوسيع الآفاق من خلال الحصول على شهادة أكاديمية في الإعلام من جامعة مرموقة، إضافة إلى الممارسة العملية في ميدان الصحافة.
الهدف الأكبر ليس فقط أن أكون صحفيًا انتخابيًا، بل أن أساهم في إعداد جيل جديد من الصحفيين الانتخابيين في العراق. هؤلاء الشباب سيحملون على عاتقهم مهمة تثبيت أركان الديمقراطية، ليس بالتحيز أو التملق، بل بالموضوعية والحيادية، حيث يكتبون عن الانتخابات بعلمية لا تنحاز، وبصدق لا يجامل.
تدريس مادة الصحافة الانتخابية في الجامعات العراقية سيكون خطوة نحو تحقيق هذا الهدف، وسيكون لهذا الجيل الجديد دور بارز في تعزيز الشفافية والمساءلة في العملية الديمقراطية، من خلال تغطية إعلامية دقيقة وغير منحازة.
إن الصحافة الانتخابية ليست مجرد حلم، بل هي مشروع يمكن تحقيقه بالجهد المستمر، والتعليم الجاد، والممارسة الفعالة. إنه حلم يتحول إلى واقع، ليس فقط لخدمة الفرد، بل لخدمة المجتمع بأكمله.