مقالات

عاشوراء .. رسالةٌ وقيَم

 

احمد يحيى الهنداوي

إِنّ سيرة وشخصية سيِّد الشُهداء عليه السَّلام قد ملأت صفحات الوُجُود من القيم المُثلىٰ كالإباء والشجاعة والتضحية في سبيل الوقوف بوجه الظُّلم، وإعلاء دين الله تعالىٰ المُتمثل بالنبي الأعظم وآله الأطهار، حيث ان الإسلام محمدي الوجودي حسيني البقاء.

وإِنّ الإمام الحُسين قّدم كُل شيء من أجل بقاء النور الإلهي لِيسير به السالكين إليه وهذا النور يأبىٰ الله أن ينطفئ.

لقد جسد سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين (ع) في واقعة كربلاء العظيمة وجهان أساسان يشكلان صورتها الواحدة.

الوجه الأول: هو الرسالة التي تحملها، وهي تعزيز القيم، وتثبيت المبادئ التي نادى بها الحسين وأصحابه، والتزموا بها، واستشهدوا من أجل الدفاع عنها.

الوجه الآخر: هو المأساة الدامية، والمصيبة المفجعة، التي نالت أهل بيت الرسالة في كربلاء.

إن مفردات القيم التي تمثل رسالة عاشوراء، واضحة جلية في كلمات الإمام الحسين، بطل هذه النهضة المقدسة، وهي قيم يجب أن تسود حياة الأمة على المستوى الاجتماعي والفردي، فمن قيم كربلاء على المستوى الاجتماعي للأمة، ما أعلنه الحسين بصراحة ووضوح عن دافع حركته وثورته، حيث قال: «إِنَّمَا خَرَجْتُ أطَلَبِ اَلْإِصْلاَحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَى عَنِ اَلْمُنْكَرِ»

فإصلاح واقع الأمة شعار وهدف لثورة الحسين كما أعلن الإمام الحسين أن إقامة الحق، ومواجهة الباطل، هو باعثه للنهوض، يقول (ع) : «ألا تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ، وأنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى‌ عَنهُ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللَّهِ مُحِقّاً؛ فَإِنّي لا أرى‌ المَوتَ إلّا شَهادَةً، ولا الحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً»

وهو يدعو الناس للتمسك بحقهم في الحرية، فهي منحة الله لبني البشر، ومقوم إنسانيتهم، حتى لو لم يدينوا بدين، قال : «إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ وَكُنْتُمْ لاَ تَخَافُونَ اَلْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِي دُنْيَاكُمْ»

وكذلك قيمة العزة والكرامة، فلا مجال في رؤية الحسين للتنازل عنها، فالذل والخنوع مرفوض من قبل الله ورسوله، ولا يقبله مجتمع المؤمنين، يقول : «هَيهاتَ مِنّا الذِّلَّةُ، يَأبَى اللَّهُ لَنا ذلِكَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ، وحُجورٌ طابَت، وحُجورٌ طَهُرَت، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ونُفوسٌ أبِيَّةٌ، مِن أن تُؤثَرَ طاعَةُ اللِّئامِ عَلى‌ مَصارِعِ الكِرامِ »

هذه نماذج وعينات، من مفردات القيم التي تستهدف الواقع العام للأمة في رسالة عاشوراء.

وهناك قيم على مستوى السلوك الفردي، تجلت في ممارسات أبطال كربلاء، وهي بلا شك جزء لا يتجزأ من رسالة عاشوراء، من خلال مبدأ التأسي والاقتداء بالحسين وأصحابه الشهداء ، فالسلام عليك يا أبا عبدالله يوم ولدت ويوم إستشهدت مظلوماً ويوم تبعث حياً .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى