محمد المطيري
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا»… قالها أمير الشعراء أحمد شوقي قبل عقود من الزمن وكأنها تناجينا اليوم في كل تفاصيل حياتنا !!! ماذا حدث للمجتمع العراقي في كل مجالات الحياة حتى انهارت كل القيم والخصال الجميلة التي تربينا عليها وكبرت معنا ؟؟ في الشارع .. في المقاهي .. في المدارس .. في الجامعات وفى كل مكان !! ما سبب انحدار الأخلاق إلى هذا الحد الخطير ؟ ولماذا انتشرت الجرائم غير المسبوقة في العراق ؟
هل كان يستطيع أحد التلاميذ أن يضع يده على كتف مدرسه فى الشارع ! ؟؟ وهل كان ذلك ليحدث لولا الدروس الخصوصية فأصبح التعليم كله مصدرا للرزق فقط وليس للتربية ؟؟ .
هل رأيتم هذا المنظر البائس من قبل ؟؟ يوم كان المعلم قدوة المجتمع ومصنع الأجيال والشخصية الفذة التي نقتدي بها ؟؟ أين دور العائلة التي كانت تحاسب ابنائها قبل حساب المعلم ؟؟ ما فائدة مجتمع بلا أخلاق؟ فالمجتمع الذى يعيش بلا أخلاق ولا قيم اكتب عليه السلام !!! لأن هذه المفاهيم وحدها تساهم فى تنمية المجتمع وتقدمه.
الأخلاق هى الواقي من الانهيار وتأكيد فكرة الضمير وتفعيله يؤدى بالتراجع عن الكثير من الأعمال السيئة. فالضمير وتنميته هو الوحيد الذى يتحكم فى تصرفات البشر. والعالم كله ينظر إلى أخلاقيات مجتمعات العالم المختلفة، فالأخلاق والقيم السائدة كلما ارتقت كلما ارتقت الدولة ونمت. لقد تركنا هذه القيم منذ زمن ولم ننمها ولذلك يجب أن نبدأ من مرحلة الطفولة لأن هذه المرحلة تكون هى الأهم فى تربية النشأ.. فيجب أن نعلمهم فى بداية حياتهم الأمانة وقبول الآخر.
نريد أن نرى معنى وزارة التربية والتعليم على أرض الواقع، وتعظيم فكرة القيم النبيلة وتفعيلها بشكل يساعد على نمو الطفل بشكل أفضل. أين فكرة التطوع وخدمة الناس فى البرامج التعليمية؟
إن فكرة التطوع تجسد قيمة أخلاقية عظيمة فى مساعدة الغير، فالقيم والأخلاق يجب أن تكون مواكبة للعملية التعليمية. ويجب أن نؤكد على فكرة المعلم النموذج ، المعلم القدوة ، المعلم الذى يحب مهنته ويحب تلاميذه والذي قدم ويقدم للمجتمع أسماء وصفات ورجال مهمين جدًا في كل مفاصل الدولة من أعلى هرم في المسؤولية الى الموظف البسيط .
وإذا رأت المدرسة أن هناك خللا فى الشخصية يجب أن يتواصلوا مع الأسرة، هل لدينا من الوقت أن نتبنى فكرة التواصل مع الأسرة أم نحن مشغولون بحياتنا الخاصة بتفاصيلها المملة وكيف نجنى الأموال دون النظر إلى القيم والأخلاق التى تكاد أن تفلت منا ان لم تكن فعلًا قد فلتت منا؟!
هل المسؤول عن ذلك الأسرة أم المجتمع أم وسائل الاتصال أم القنوات التليفزيونية أم الأفلام التى تعرض والتى تتبنى فكرة العنف والجريمة واستخدام العنف فى حل مشاكل البشر ؟! هل هذه هي الرسالة التى نريد أن نوصلها لأبنائنا؟ إننا نريد أن نرسخ قيم وأخلاق عظيمة لنبنى مجتمعنا وبناء الإنسان غاية في الأهمية ، كما هو منشور كل يوم فى جرائدنا وقنواتنا دون أن نرى على أرض الواقع ما هى الوسائل التى نستخدمها لتحقيق ما نقرأ عنه.
نحن نرى أن القيم التى نريد أن نغرسها فى نفوس أبنائنا هى «مبادئ القيم والأخلاق التى تتكلم عن محاسبة النفس، الصبر والعفة، الشجاعة والعدل، البشاشة والتسامح والحرص على مقابلة الإساءة بالأحسان وزرع القيم النبيلة في قلوب أبنائنا بشكل أفضل».
إذا توصلنا فى نهاية الأمر إلى خلق بيئة مناسبة وممارسة الأخلاق والقيم التى نسعى إليها، نكون قد بدأنا فى بناء إنسان جديد ينسجم مع معطيات العصر وما يسود المجتمع الآن فى العالم كله من الحفاظ على القيم والأخلاق.
نتمنى أن نعلم فى مدارسنا مفهوم حقوق الإنسان والحفاظ على الحريات العامة والكرامة والعمل بدأب على تقنين ما جاء فى دستورنا لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة .