المهندس / ماهر علي علوان
ان الحاجة الملَحة لتغطية النقص في الطاقة الكهربائية في العراق ادى الى التفكير في اقامة مشاريع متنوعة لانتاج الكهرباء لتلًبي الاحتياجات الاساسية للسكان من خلال اعتماد بناء المحطات الغازية و المحطات التي تعمل على الوقود الديزل كونها سريعة النصب و ممكن ان تساهم في التخفيف من النقص الحاد في امدادات التيار الكهربائي للمواطنين .
وفي ظروف استثنائية يمر بها العراق لمعالجة ازمة الطاقة في ظل التوسع العمراني الكبير بعد عام 2003 م , لم يكن لمشاريع بناء المحطات التي تعمل بالطاقة النظيفة اهتمام من قبل المهتمين بملف الطاقة كون هذه المحطات كلفتها عالية و انتاجها للطاقة لا يسد الحاجة الفعلية للبلد من الكهرباء الوطنية .
ان مشاريع الطاقة في العراق و لاسيما محطات انتاج الطاقة الكهربائية العديد من الاضرار الناتجة اثناء عمل هذه المحطات او النتائج المترتبة من عملية الانتاج كما في انبعاث الغازات منها و بعض المخلفات الكيمياوية الناتجة من مراحل الإنتاج و غيرها .
و تسعى الدول لمعالجة مظاهر التلوث البيئي و انحسار انتشارها لمنع الاضرار بالمواطنين و حمايتهم من خطر هذه الظروف البيئية الخطرة . وهناك مجموعة من العوامل التي تسبب اضرارا” في المعدات و المنظومات العاملة في مجال انتاج الطاقة الكهربائية كما يحصل في بعض الاجزاء من تأكل و لأسباب مختلفة , او تكوين كتلة اضافية على ريش التوربين الغازي بسبب وجود عنصر الفناديوم في الوقود .
و لاشك ان مجمل هذه المشاكل و المعوقات التي تظهر اثناء عمليات انتاج الطاقة الكهربائية و النتائج المترتبة عليها هي محل دراسة و اهتمام من قبل العاملين في هذا المجال لإزالتها و العمل ضمن ظروف مناسبة تحافظ على الانسان و الآلة على حدٍ سواء . وعلى الرغم من تنوع مصادر الطاقة المتوفرة في العالم , وبدء دخول بعض المصادر المتجددة حيز الاستخدام التطبيقي , تشير الدلائل الى ان مصادر الوقود الاحفوري , وخاصة النفط و الغاز ستبقى الخيار الرئيسي لإمدادات الطاقة لعقود مقبلة , نظرا” الى اسهام هذه المصادر الكبير في مجموع امدادات الطاقة على النطاق العالمي , الا ان اسهام هذه المصادر في تحقيق التنمية المستدامة يتطلب اتخاذ تدابير عديدة من اهمها العمل على ترشيد استهلاك الطاقة و تحسين كفاءة استخدامها فضلا” عن الحد من الاضرار التي تلحقها بالبيئة .
و تشير الدراسات بما يتعلق بالانبعاثات من محطات توليد الكهرباء ان تخفيض الكثافة الكربونية في إنتاج الكهرباء في العالم إلى ما يقرب من الصفر بحلول عام 2050 تقريبا في صميم المرحلة الانتقالية لوقف الانبعاثات الكربونية. ويعني هذا الهدف ضمنا” ضرورة أن تحد البلدان مرتفعة الدخل وبلدان الاقتصادات الصاعدة كالصين والهند وجنوب أفريقيا من انبعاثاتها الكربونية الناتجة عن إنتاج الكهرباء بحلول منتصف القرن الحالي. أما البلدان منخفضة الدخل – التي تمثل نسبة صغيرة من استهلاك الكهرباء في العالم، فأمامها بضعة عقود أخرى لتحقيق هذا الهدف، لكن لابد أن تصل هي الأخرى في نهاية المطاف بانبعاثاتها الغازية إلى مستوى قريب من الصفر في إنتاج الكهرباء.
و يمكن إنتاج الكهرباء بدون أية انبعاثات كربونية من مصادر الطاقة المتجددة كطواحين الهواء ، والطاقة الكهروضوئية , والطاقة الشمسية المركزة ، والسدود الكبيرة ، ومحطات الطاقة الكهرومائية الصغيرة .
و يؤثر عاملان في تكوين الملوثات الناتجة من احتراق الوقود الإحفوري هما :
التركيب الكيميائي للوقود , و يختلف باختلاف الخامات النفطية المستخدمة و عمليات التكرير , و ما يتبعها من عمليات تحويل و معالجة .
ظروف احتراق الوقود, و ما يترتب عليها من ملوثات بسبب الاحتراق غير الكامل مثل اول و ثاني اوكسيد الكربون , و المركبات الهيدروكربونية , و الجزيئات الدقيقة , و المركبات العضوية المتطايرة .
كما توضح المعلومات الكيميائية ، أن غازات العادم تحتوي أساسا على ثاني أكسيد الكربون، الماء، النيتروجين و ثاني أكسيد الكبريت، بالإضافة إلى الأوكسجين الذي ينتج عن الهواء الزائد اللازم للاحتراق , كما تظهر غازات العادم اثار لاكاسيد النتروجين ( N2O , NO , NO2) و اثار للغازات العضوية .
تؤخذ قياسات نواتج الاحتراق لأغراض متنوعة , لغرض مراقبة الالتزام البيئي , بينما تؤخذ قياسات انبعاثات الاوكسجين و ثاني اوكسيد الكربون و اول اوكسيد الكربون و بعض اكاسيد النتروجين لغرض ضبط عملية الاحتراق و التحكم في عملية التشغيل .
و تأتي أهمية انتاج واستخدام الطاقة النظيفة في دعم الاقتصاد الوطني وخطط التنمية المستدامة، وكذلك في الحفاظ على البيئة النظيفة والمساعدة في تحسينها ،والحصول على طاقة رخيصة الثمن ، فضلاً عن استثمار النفط الذي يحرق لتوليد الطاقة في تعزيز زيادة معدلات التصدير من النفط الخام دون الحاجة إلى استخدامه في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، وهذا يأتي ضمن خطط التنمية الوطنية المستدامة، ومع توجهات دول العالم في أنتاج الطاقة النظيفة والحفاظ على البيئة
و تأتي اهمية حاجة العراق للطاقة المتجددة في ان تساعد كثيرا” في تقليل استيراد الطاقة , و تخفيض صادرات النفط , و تخفيف عبء الدعم على الحكومة .
كما نوَد الاشارة الى امكانية استخدام الطاقة المتجددة – مثل الطاقة الشمسية – أن تساعد كثيرا” في تقليل استيراد الطاقة ، وتخفيض صادرات النفط ، وتخفيف عبء الدعم على الحكومة. و حيث ان العراق يميل الى تعزيز الطاقة الشمسية في البلد بطريقتين هما : الوحدات الكهروضوئية التي يمكن أن تؤدي الى تقليل حرق النفط والغاز، والألواح الشمسية على الأسطح التي تساعد الأسر على تقليل اعتمادها على ” مولدات الأحياء المكلفة والملوثة “ . و يمكن لهذه الحلول أن تساعد في تخفيف العبء على الشبكة الوطنية، وتحقيق اللامركزية، وخلق فرص عمل ، وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة ، وخفض فواتير الكهرباء على المدى الطويل.
وفي الختام يمكن القول بأنه يوجد اتجاه في شتى دول العالم المتقدمة والنامية يهدف لتطوير سياسات الاستفادة من كافة أنواع الطاقة المتجددة واستثمارها، وذلك كسبيل للحفاظ على صحة الإنسان من ناحية والمحافظة على البيئة من ناحية أخرى ، بالإضافة إلى إيجاد مصادر وأشكال أخرى من الطاقة تكون لها إمكانية الاستمرار والتجدد، والتوفر بتكاليف أقل، في مواجهة الطلب الكبير على الطاقة و النمو الاقتصادي السريع والمتزايد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحسّن نوعية حياة الإنسان و يحسّن أيضا البيئة العالمية والمحلية.