أحمد يحيى الهنداوي
كثيرًا مايرد أسماعنا مصطلح “العقل الجمعي” وهل له أثر في نهضة الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ؟
وكثيرًا مايتبادر لأذهاننا ، كيف تغير سلوك أهل الكوفة تجاه سفير الإمام الحسين وابن عمّه مسلم بن عقيل (عليهم السلام).
في البدء يُعرّف (العقل الجمعي) بأنه ظاهرة نفسية تفترض فيها الجماهير أن تصرفات الجماعة في حالة معينة تعكس سلوكاً صحيحاً ، ويتجلى تأثير العقل الجمعي في الحالات التي تسبب غموضاً اجتماعياً ، وتفقد الجماهير قدرتها على تحديد السلوك المناسب ، وبدافع افتراض أن الآخرين يعرفون أكثر منهم عن تلك الحالة.
سطوة أثر الجماعة على الفرد تظهر في قابلية الأفراد إلى الانصياع إلى قرارات معينة بغض النظر عن صوابها من خطأها في ظاهرة تسمى بـ(سلوك القطيع).
واهم سبب في إخفاق ثورة مسلم بن عقيل (ع) وسيطرة ابن زياد على الكوفة ، هو الانصياع لظاهرة العقل الجمعي وموقف الاكثرية في التخلّي عن مسلم والتسليم لكلام رؤساء عشائرهم ورؤوس الفتنة في الكوفة الذين كانوا مع ابن زياد والتصديق بشائعات قدوم الجيش الاموي العظيم !
وفي المقابل حث الاسلام على التفكّر ومنطق العقل الفطري وعدم التسليم المطلق لرأي الأكثرية اذا لم تكن مستندة على أساس صحيح.
حركة تحرر العقل دعى إليها القرآن الكريم في سورة سبأ المباركة حيث قال تعالى: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (45) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ ففي هذه الآيات نجدُ وصفاً لسلوك المجموع والذي نتج عن تفكير العقل الجمعي الفاسد ، متخذاً قراره في تكذيب الرسل ، ولذا كان وعظ النبي لهم ملخصاً في شيء واحد ، ألا وهو أن يقوموا لله مثني وفرادى ، والسر في ذلك أن ينتشلهم من غمامة وأسر ثقافة القطيع والعقل الجمعي الفاسد ، إلى رحابة الفكر الفردي وتحرير العقل بعيداً عن مؤثرات المجموع.