كتب / أحمد حسين ال جبر
زارني في إحدى السنوات الماضية احد الاصدقاء الذي هاجر خارج العراق واستقر في هولندا وبعد حرارة اللقاء والشوق والحنين وتبادل الذكريات جلسنا نتحدث عن حاضرنا الذي نعيشه كل حسب مكانه ، وعند سؤالي له عن عمله في بلاد الغربة قال لي : انه يعمل في إحدى الدوائر الضريبية في هولندا لم استغرب منه هذا كونه يجيد اللغة الانجليزية واكيد تعلم اللغة الهولندية خلال هجرته واستقراره فيها .
قال لي : اتعرف أن النظام الضريبي في هولندا يعتمد على نظام الخمس في الإسلام ؟
قلت له باستغراب : حقا هذا وكيف لهم أن يعملوا فيه وكيف هي طريقة عملهم ؟ طبعا انا مستغرب وترافق اسئلتي ابتسامة
قال لي : تفرض على المواطنين الذين يعملون في الدوائر الحكومية ((الموظفين)) ضريبة ((توقيفات تقاعدية )) بنظام الخمس مثلا ان كان الموظف يتقاضى راتبا قدره 1000 اورو فإن الضريبة التي تفرض عليه قيمتها 200 اورو وهذه لها خصم إن كانت الزوجة ربة بيت أو أن الموظف لايملك بيتا ويسكن بالايجار كذلك َعدد الاولاد فلكل فرد منهم خصم حتى يكملوا دراستهم أو أن يكون في العائلة مريض بمرض مزمن أو معوق فإنها تخفض وهي شاملة للجميع بدون استثناء منها .
بادرته بسؤال آخر وقلت له : وكيف يكون راتب الموظف حين يحال على التقاعد ؟
قال لي : اخي العزيز ان التقاعد هناك يحفظ كرامة الموظف كونه قد افنى سنوات حياته في خدمة البلد ومكافئة من الدولة أن تحفظ كرامته .
قلت له وأنا اضحك : هل تقوم الدولة بقطع ثلثي الراتب بعد احالته على التقاعد وتجعله يضرب (( اخماسه باسداسه )) وهو قد أصبح عاجز عن العمل وقد بلغ من العمر عتيا ؟
قال لي : أخوية العزيز تقوم الدولة باحتساب الضريبة ((التوقيفات التقاعدية)) التي حصلت عليها من الموظف خلال سنوات خدمته وتقوم بحسابها لكم سنة تكفيه بنفس رقم الراتب يستلمه قبل التقاعد والذي هو 1000 اورو ، يستلمها من دائرته حتى تنتهي المدة التي تغطي مبلغ توقيفاته التقاعدية ، وبعد نفاذها تقوم الدولة بتحويل هذا الموظف على إحدى المؤسسات الاستثمارية التي تستثمر مبالغ التوقيفات التقاعدية من الموظفين ليستلم منها راتبه التقاعدي ولن ينقص منه اورو واحد يبقى1000 اورو حتى يفارق الحياة .
استغربت من كلامه وقلت له : يعني أن الدولة تحترم موظفيها ومن يقضي سنوات عمره في خدمتها .
اجابني : ليس هذا فقط بل هناك امتيازات أخرى ومنها الضمان الصحي المجاني واعفائهم من أجرة التنقل في الباصات الحكومية وله تذكرة سفر سنوية على حساب الدولة .
قلت له : يعني المتقاعد أموره جيدة ومحترم
نرى حال موظفينا المتقاعدين على عكس حال موظفي الدول المتقدمة مع الأسف الشديد فإنه حين يحال على التقاعد كانك تعاقبه و لا تكافئه على خدماته المقدمة خلال سنوات وظيفته ، أولا لايستلم مبلغ مكافئة نهاية الخدمة الا بعد معاناة كبيرة ويضطر في أغلب الأحيان أن يدفع رشوة حتى يحصل عليها ، كذلك مبلغ الإجازات المتراكمة ، ويقطع ثلثي راتبه الذي كان يتقاضاه أثناء خدمته وليس له ضمآن صحي ولا احترام من قبل الدولة واليوم اول إجراء اتخذته الحكومة هو استقطاع جزء من رواتبهم كضريبة علما بأن التوقيفات التقاعدية هي ادخار الموظف من راتبه أثناء الخدمة وليس لأحد فضل أو منة فيها تلك هي مكافئة نهاية الخدمة حال مؤلم جداً .