فاطمة غانم جواد _ بغداد
انتقلت عدوى أزمة صرف المستحقات المالية لِكبار السن الذين افنوا طاقتهم في خدمة قطاعات الدولة بأنواعها لينتهي بهم المطاف لمعاناة جديدة تزيد هماً وشقاء على كِبرتِهم فبدل من توفير رعايةٍ جيدة ومستمرة لهم انقطع السبيل إلى تحمل مشقة العيش وما يتطلبه من عناءٍ طويل لحين موعد استلامهم المال الذي يُبدل بالدواء حين استلامهم إياه فكيف بتأخرٍ اجتاح رزقٍ ضئيل ليزيد عليهم مرارة العيش.
يأسٌ كبير شهده أُناسٌ بعضهم في بناءِ العش العائلي والاخر في توفير لقمة العيش العائلي ، وهم مازالوا يؤدون عملاً يرون انفسهم ملزمين به تجاه الدولة لكن الاخيرة لا تلتزم بإعطاء حقوقهم المالية وهذا ما نجده يتكرر في مطلع كل شهر ،مما يفقد الامل في مواجهة الحياة ذات الظروف المعيشية القاسية والتي تتحول تدريجياً إلى اشد قسوة من ذي قبل نتيجة للأزمات التي يدفع ثمنها المواطنون من أرزاقِ جيوبِهم.
يأتي الغيث المتمثل بقانون الاقتراض لتوفير العجز المالي الا انه في حقيقة الأمر ماهو الا صاعقة رعدية تثقل كاهل الدولة وتأخذ البلد إلى طريقٍ مسدود من الأزمات المالية الجديدة ، فالديون المتتالية قد تملأ ثغرة العجز المالي لمدة اقصاها اشهر متتالية لكن ما بعد تلك الاشهر مستقبل مجهول ينتظر البلد وأزمات متوقعة تُمليها ضعف الايرادات النفطية التي كانت تغطي النفقات المالية للدولة فيما مضى والتي تلكأت الان نتيجة المصالح والمطامع السياسية المتتالية التي كان البلد في سُباتٍ عميق بها .
علاجٌ واحدٌ لا غير اعتمدته الحكومة وماضية في تحقيقهِ دون الالتفات إلى آثاره أو النظر في تأثيراته المستقبلية وهذا ما يجعل سلسلة الاهمال الحكومي تتكرر عند كل سياسة جديدة تتخذ السير على خطى الماضي تبريراً لها وذريعةً لا مخرج منها في إلقاء اللوم على من يسبقها من سياسة حاكمة ، فإضافةً لغياب الحلول والتخطيط الاقتصادي نرى حُبكة من التعقيد وتَسرُع في القرار متخذين القرض المالي الوسيلة الوحيدة للتخلص من اللوم الاجتماعي والضغط الاعلامي في توزيع المستحقات المتأخرة وهذا ما يجعل الخُطى السياسية تبدو واحدة في السير على مسارٍ واحد من الفشل الاداري والتنفيذي للقرارات السياسية المُتخذه .
إنتظارٌ قصير لمعاناة مشتركة المصير موحدة التنفيذ تنتهي بصرف الاموال المستحقة لهم المُلزمة قانونياً على من يُسلمها، لكنها ستشهد تكراراً منتظماً مستمراً ما دام البلد يحتوي على جذورٍ فاسدة تعمل على تسميم الاقتصاد العراقي وتنخر السيادة الوطنية للبلد، لذلك من الضرورة الواجبة اقتلاع جذور الفساد لنمو الهيكل الاقتصادي العراقي من جديد ..