مقالات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد الواحد والعشرين (بيت جدي )

 

حسين أحمد الإمارة


في أغلب الأحيان التقي باصدقائي مساءاً عند مقهى الحاج عباس أبو الهر، القريبة من دارنا ،لغرض مشاهدة البرامج التلفزيونية وتبادل الاحاديث مع بعض لقضاء الوقت.

الوقت المسموح به في البقاء خارج الدار هو لغاية الساعة العاشرة .
هذا أمر صدر من الوالد (رحمه الله ) ولا مجال لمخالفته.

الهدوء يخيم على المكان سوى صوت طقطقة قطع الدومينو، الهواء العليل قادم من بساتين المنطقة ورفقة حسنة من الأصدقاء.

على جانب من المقهى جلس أربع شباب يلعبون الدومينو.
فجأة بدأ الصراخ يعلوا من أحدهم واخرج سكينة صغيرة( أم الياي ) من جيبه وحاول طعن الشخص المقابل له، ولكن تدخل من كان جالساً معه ومن كبار السن منع وقوع المحذور وتداعياته .

مر الوقت سريعا بين نقاش موضوع ومشاهدة برنامج وبين لهو وضحك، حتى ازفت الساعة عند منتصف الليل. توقف البث التلفزيوني. عرفت إني تجاوزت الوقت المسموح به.

نهضت مسرعا بإتجاه البيت، احث الخطى مخاطبا نفسي.
.. ياترى هل يسمح لي بالدخول بعد هذا التأخر.
.. إذا حدث العكس فلا خيار أمامي سوى الذهاب إلى بيت جدي.

وصلت البيت، طرقت الباب مرتان وتراجعت للخلف.
أطلت شقيقتي من على شرفة السطح..
شقيقتي…
ها حسين..ليش إتأخرت .أبويه قفل الباب،
أنا…
…أنتِ متكدرين تفتحين الباب.
شقيقتي..
لا، أخاف..كال ممنوع. روح لبيت جدو أحسنلك.

.صدر الأمر ولا مجال لمخالفته.
سِرتُ مسافة للامام، توقفت لأعيد النظر إلى دارنا، شاهدت شقيقتي واقفة في مكانها تنظر لي وكأنها تقول، اعذرني خويه ما في اليد حيله..

حولت مسيري بإتجاه بيت جدي ،

فتحت جدتي الباب، ابتسمت في وجهي قائلة..
ها أبوك طردك ؟
شسويت مكسورة ؟
(على ما يبدو أنهم متفقين على هذا الإجراء)
يله اصعد للسطح، افرش ونام والصباح رباح.

في أليوم التالي تَصَّلح كل شيء بعد الإعتذار، وانتهى الموضوع..

في أغلب الأحيان نغضب ونزعل مما يصدر من توجيهات وإرشادات من آبائنا، ولم ندرك أنهم أقرب إلينا من انفسنا، واحن علينا وهم يتطلعون إلى نجاحنا وتفوقنا عليهم. لذا مهما عملنا لهم لم نفي حقهم ،حتى في قسوتهم علينا كما نعتقد إنما هي رحمة.

رحم الله امواتنا وامواتكم وأموات المؤمنين جميعا .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى