سعد رزاق الأعرجي
– كنا نظن وعلى مر السنين بأننا نحن من يحيي ذكرى الحسين في كل عام حتى تيقنا الآن بأن ذكرى الحسين هي من تحيينا .
ان الإصلاح كلمة عظيمة لها مدلولاتها ومعانيها الكثيرة والتي تحققت من خلال ثورة الحسين ؛ والكثير منا مازال لم يستوعب دروس تلك الثورة لأنها أكبر من كل طاقة استيعابية ؛ فعلى جميع المسلمين ان يفكروا في أبعاد هذه الثورة القيادية ويتمعنوا جليا قبل الحكم عليها وأن يتعلموا من الفلاسفة العظماء وماقالوه في شخصية الحسين وأصحابه . المسلمين مطالبين اليوم بمعرفة أبعاد هذه الثورة والتي تعد ثورة يقودها الحق ضد الباطل والظلم ولولاها لساد الكفر والإلحاد في مجتمعاتها وليحكمنا يزيد وأتباعه حتى يومنا هذا .
ثورة الحسين ليس ملكا لنا فحسب وإنما هي رسالة عالمية تستحق أن تصل إلى جميع الأمصار ؛ لذا فعلى العالم الإسلامي ان بقرأ ويستوعب دروس هذه الثورة لمعرفة مدى علاقتها بالظروف التي نمر بها ؛ فبالرغم من استشهاد الحسين وجمعه المؤمن إلا أنها كانت الخطوة الأولى للنهج الصحيح نهج أل البيت الكرام والذي ينفر ويتبرأ من ما كان سائدا ايام خلافة ربيب القرود واسلافه ؛ فدراسة ثورة الحسين تتضح خلالها معان ورؤى غابت منذ زمن . لأنه (عليه السلام ) علمنا كيف نبني المستقبل وفقا لهذا الحدث ؛ ويجب أن لاننسى دموية هذه الواقعة والمشاهد المروعة من قتل وانتقام وتمثيل بالجثث الطاهرة وحرق الخيم وقطع المياه ؛ ونتعلم أيضا كيف نكون أقوياء بالثبات على الحق وعدم الرضوخ وأن التاريخ الذي كتب بالدماء الطاهرة التي سألت من جسد الحسين وأصحابه هي من خطت الأحرف الأولى للسفر الخالد .
لقد كان الحسين عظيما وعلى جانب كبير من الشجاعة والأخلاق والكرم ماقصده محتاج وعاد خائبا وبوقفته في كربلاء ضرب لنا المثل في الإباء والتضحية ؛ فثورته (عليه السلام) ليست ثورة للجبابرة التي تدوس الأبرياء من أجل عروش زائفة او منافع زائلة بل هي تكليف شرعي يرى فيه إقامة الحق لكل مظلوم ؛ هذه العبارات وغيرها من الدرر والحكم طرقها الإمام الشهيد على مسامع رفاقه وخيرهم بين البقاء وبين تركه يقود ثورته حيث قال مقولته الشهيرة (إلا وإن هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا فإن القوم يطلبوني فإن ظفروا شغلوا عن غيري ) وهذه المشاهد وهذا الفقه يعتبر قمة في حرية الاختيار بلا تزييف او تدليس الحقائق ولم يعدهم بمال او جاه ومع ذلك لم يغادر المكان أحد بل اثنوا على كلامه وازدادوا قوة ومنعة .
لم يكن يزيد إلا خلف لأسوأ سلف ؛ فقد كان معاوية بن أبي سفيان يرسم مخططا مشبوها في ترسيخ دولته الدموية المبنية على الترهيب والتصفية الجسدية لأتباع الإمام علي عليه السلام وكذلك الافتراء بأحاديث كاذبة ونسبها إلى الرسول الكريم مرورا بغدق الأموال على الشعراء من أجل شراء ذممهم وصولا إلى إثارة الأحقاد القبلية والقومية والعمل على تمزيق أواصر الأمة الإسلامية انتهاء بتتويج يزيد ملكا على الأمة في تحد واضح وصريح لصحابة رسول الله وآل بيته الكرام واستخفافا بكل مباديء الإسلام وتعاليمه التي عانى ما عانى من أجلها النبي الأكرم ؛؛ فكان لابد من ان تنتفض الأمة لكن البعض أثر الصمت والانزواء بعيدا عن الأحداث والبعض الآخر كان مؤيدا لذلك ؛ إلا الحسين فقد رفض هذا الحدث الجلل واعتبره تكريسا للظلم والفساد والسير بالإسلام نحو الهاوية .
فكان لابد من ثورة ورجل يقف بوجه الظلم والطغيان فكانت الثورة الحسينية وكان الحسين