قاسم حسن الموسوي
كما هو معروف تعيش مدينة الحسين كربلاء في كل سنة وخلال ايام عاشوراء في طقوس وأجواء خاصة حيث استشهاد الامام الحسين عليه السلام في العاشر من محرم .
فتكون هناك مجالس عزاء في كل مكان ومواكب تطبير وزنجيل وطبخ وتوزيع الغذاء لثلاثة وجبات يعني عموما هناك زخم جماهيري كبير جدا يتوج في ظهيرة يوم العاشر بركضة طويريج ومراسيم حرق الخيم حيث ملايين المعزين يجوبون شوارع المدينة متوجهين الى المرقدين الشريفين للامام الحسين واخيه ابا الفضل العباس عليهما السلام ومن ثم التفرق يتبعه توزيع وجبة الغداء من كثير من المواكب فلنا ان نتصور ونحن نعيش هذه الاجواء سنويا حجم الكتلة البشرية الهائل هذا مع خطورة تفشي وباء كورونا حفظ الله الجميع من غوائله .
والمرجعية الشريفة كانت قد استبقت الحال واصدرت توجيهات ونصائح للناس حول التباعد الاجتماعي وعدم الحاجة الى القيام ببعض الطقوس حاليا في الاماكن العامة وضرورة ادائها في المنزل .
وكذلك هناك الكثير من الناس من نصح وصرح ووجه الى ضرورة الحرص على السلامة من خلال اتباع التوجيهات والتعليمات الصحية التي اصدرتها الجهات المختصة وكنا نتأمل ان تلتزم الناس بذلك وتعي خطورة الموقف الصحي الذي هو اساسا مترديا قبل بداية شهر محرم حيث الاصابات الكثيرة والوفيات باعداد كبيرة ايضا رغم حالات الشفاء الكثيرة والمفرحة ايضا لكن على مايبدو ان الاغلبية مصرة على سلوك الطريق السابق وكأن كورونا غير موجودة .
في ليلة السابع من المحرم الماضية كنت اسير في شوارع المدينة لاحظت زخما بشريا كثيفا لايراعي ارتداء الكمامات ولا المسافات المعقولة فيما بين الافراد وهناك طوابير طويلة ومتلاصقة على مواكب توزيع الطعام ونساء يصطحبن اطفالهن بعربات الدفع الصغيرة وهم في دور الرضاعة او اكبر بقليل ورجال كبار في السن بلا كمامات ولك ان تتصور كم من هؤلاء الآلاف من البشر يسعل او يعطس لينثر رذاذ انفاسه على الجميع .
اذن نحن ازاء كارثة صحية لا سامح الله ( وادعو رب العزة من كل قلبي ان يحمي ويحفظ الجميع من كل داء وسقم وهو ارحم الراحمين ) لكنه اعطانا عقلا نستعمله ليكون لنا دليلا وموجها ومنبها لخطورة مانخوض فيه وتبعاته الخطيرة .
لذلك ادعو الناس اولا ان يكونوا رحماء بانفسهم وبغيرهم وان يعرفوا ان الحسين نهج اصلاح وبناء وعطاء وليس انتحار او رمي النفس الى التهلكة وارتداء الكمامة والكفوف والتباعد بين الاشخاص وتقليل التواجد في الاماكن المزدحمة ليس شيئا صعبا او مستحيلا . وثانيا على الجهات الصحية المختصة وادارة العتبتين المقدستين ضرورة تهيئة كرفانات ومخيمات طواريء تنصب بعد انتهاء مراسم الدفن في الثالث عشر من محرم لاستقبال المصابين ( واكرر هنا تمنياتي ورجائي بأن لا يصاب احد ان شاء الله ) ولكن من باب الاحتياط والتحرز حفاظا على ارواح الناس وتخفيفا عن كاهل المستشفيات والمرافق الصحية التي هي ممتلئة اصلا بالمرضى وكوادرها منهكة اعانهم الله وآجرهم على مايؤدونه من جهود تفوق التصور والتحمل .
حما الله الجميع من هذا الوباء اللعين والشفاء العاجل لكل مصاب ومنه التوفيق والسداد .