مقالات

الجهود المصادرة والمسروقة

فارس الحسناوي 

في معظم دول العالم، عندما يتم إنجاز مشروع معين، تتوجه الأضواء إلى الأشخاص الذين عملوا بلا كلل طوال الوقت لتحقيق هذا الإنجاز.

يتم تكريمهم وتقدير جهودهم، بل ويقومون هم أنفسهم بقص شريط افتتاح المشروع، ليشعر الجميع بفضلهم في إنجازه.

هذه العملية تمثل حافزًا لهم للاستمرار في تقديم الأفضل مستقبلًا، كما تشجع الآخرين على المنافسة والاجتهاد لتحقيق مثل هذه الإنجازات.

لكن في العراق، يختلف الأمر كثيرًا. ففي حين يتم افتتاح المشاريع، يتم مصادرة جهود العاملين والساعين وراء المشروع، ويستولي المسؤولون على مشهد الافتتاح، ليظهروا وكأنهم أصحاب الفضل الوحيد في إنجازه.

هؤلاء المسؤولون يقتصر دورهم على قص شريط الافتتاح والتقاط الصور بحركات بهلوانية، ليُظهروا للناس أنهم من أنجزوا المشروع وسهروا عليه، بينما تظل جهود العاملين غائبة عن التقدير، ولا يتم الاعتراف بها.

بل إن العاملين، إن تم دعوتهم لحضور الافتتاح، يكونون غالبًا في الأماكن “الخلفية”، بعيدًا عن الأضواء.

هذه الظاهرة أصبحت سائدة في العراق بشكل عام، وفي كربلاء واقضيتها بشكل خاص.

فعند افتتاح أي مشروع، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، قسم أو وحدة أو حتى (دربونه) يتسابق المسؤولون الذين لم يكن لهم أي دور حقيقي في إنجازه، تاركين واجباتهم الحقيقية التي لا يتجرؤن العمل بها حتى لا يزعجون صاحب الامتدادات المتفق عليها مسبقاً مقابل تحركاتهم لينفردوا بالتقاط الصور التي تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للحصول على الإعجاب والتعليقات، مثل “أحسنت أستاذ… أو أستاذه” من حاشيتهم وجيوشهم الإلكترونية.

هذه الممارسات باتت موضع سخرية لدى الناس، لأن الجميع يعلم جيدًا أن هؤلاء المسؤولين لم يكونوا جزءًا من الجهود الحقيقية التي ساهمت في تحقيق الإنجاز. إنهم لا يقدمون سوى صورٍ فارغة من المعنى.

نصيحة، عسى أن تنفع: عليكم بتغيير هذا الأسلوب البالي واكتشاف طرق جديدة لمصادرة جهود العاملين الحقيقيين، أو على الأقل العودة إلى واجباتكم الرقابية والتشريعية التي أقسمتم عليها في كتاب الله تعالى، والتي عاهدتم بها ناخبيكم.

 فمن الواجب أن تكونوا شركاء في البناء، لا مجرد مستفيدين من الإنجازات.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى