مقالات

أترك ….مالايعنيك..!

عبدالهادي البابي

لماذا يستهلك الإنسان عمره فيما لايعنيهوهو عنده عمر واحد فقط يعيشه في هذه الدنيا ثم يرحل إلى عالم آخر ..لماذا يصرف سنوات عمره في شيء لايخصه ولاينفعهوليس فيه ضررعليه..؟

إن إنشغال الإنسان بمالايعنيه ..ماهو إلاّ محرقة للعمر، وأستهلاك للحياة  بلا فائدة ولامنفعة ..لإن عمر الإنسان محدود ..كذلك طاقته محدودة ، جهده محدود  ، قدرته محدودة ، سنوات عمره محدودة إذاً …لماذا يصرف وقته وجهده وطاقته في شيء لاينفعه ولايفيده ولايدفع عنه ضرراً .. ؟

وقد جاء في الحديث الشريف : [من حُسنِ إسلام المرء تركه مالايعنيه] ..لاحظوا هنا عندنا إسلام.. وعندنا حُسن الإسلام ..وحسن الإسلام أن يترك الإنسان مالايعنيه ..فالذي يشغلني عن حياتي وعملي بلافائدة ولامنفعة لماذا أعطيه الأهتمام من عمري ووقتي وراحتي وجهدي..؟

عن أبي ذر رحمه الله قال : قال لي رسول الله (ص) : ألا أعلمك بعمل خفيف على البدن ثقيل في الميزان ..قلت بلى يارسول الله ..قال ثلاثة أشياء : [ الصمت ، وحُسن الخلق ، وترك مالايعنيك] ..

[الصمت] ….هنا ليس معناه أن الإنسان يسكت عن الحق أو يسكت عن النصيحة أو يسكت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يسكت عن إشاعة العلم والفضيلة والخير وهداية الناس ..لا ليس هذا الصمت المقصود ، الصمت المنهي عنه هو مقابل (الثرثرة) ..لإن هنالك أناس متطبعين على الثرثرة ، ومصابين بمرض الكلام الكثير دون فائدة ودون منفعة …..فقط يجلسون ويثرثرون ويهذون هنا وهناك دون فائدة ترجى منهم ، ويطلبون من الآخرين أن يشاركونهم بتلك الثرثرة الفارغة …وهنا يكون الصمت هو الموقف الصحيح عند كل إنسان عاقل ..

أما [حُسن الخلق] وطيب الأخلاق ..فهذه تقوي علاقتكبالمجتمع ..وتجعلك عضوا نافعاً في هذا المجتمع ..أن تكون البشاشة على وجهك والكلمات الطيبة على لسانك ، وأن تحذر من الكلمات الجارحة حتى في النكات والمزاح ..فطيب الأخلاق تجعلك في المجتمع عنصراً نافعاً ومحبوباً ومحترماً ..وبعكس ذلك فأن الإنسان الذي تسوء أخلاقه يبتعد الناس عنه ..ويتجنبونه ولايحبون لقائه بسبب سوء خلقه ..

[وترك مالايعنيك]…وهذه من المشاكل الكبيرة التي يقع فيها كثير من الناس..فتراه يترك مايعنيه وينشغل فيما لايعنيه .. وهذه من أكبر مصائب الإنسان التي تعوّق نفسه وتشّوه حياته ..

فإذا ترك الإنسان مالايعنيه ومالايفيده ومالا يدفع عنه ضرراً أوسوءاً ..عندها يستطيع أن يصرف وقته وجهده ويوجه فكره وعزمه إلى مايعنيه في دنياه وآخرته ..وعندئذ يرى الخير والبركة والفائدة والمنفعة في عمره وحياته وعمله ..

اللهّم أبعدنا عن كل مالايعنينا من ثرثرة وجدال ولغو وخوض بالباطل ..وأشغلنا ووفقنا بما يعنينا من صلاح أنفسنا ودنيانا وآخرتنا..

والحمد لله رب العالمين …

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى