أَحْمَدُ يَحْيَى الْهِنْدَاوِي
إِيهٍ أَبَا الشُّهَدَاءِ
يَا آخِرَ نَجْمَةً مِنْ دِفْئِ الْكِسَاءِ ..
وَيَا عِطْرَ النُّبُوّةِ الَّذِي قَتَلُوهُ كَيْ لَا تَنْتَشِرَ بَيْنَ النَّاسِ أَخْلَاقُ السَّمَاءِ ، يَا فَرْضَ الْحُبِّ الَّذِي سَمِعَ أَذَانَهُ الْكَثِيرَ ، وَلَكِنْ مَنْ صَلَّتْ لَهُ هُمْ فَقَطْ قُلُوبُ الشُّرَفَاءِ وَكَبُرَتَ نُحُورُهُمْ لَهُ فِدَاءٌ.
يَاحَرْفَ النُّورَ الَّذِي وِهَبْنَا بِهِ حَتَّى نَقْرَأَ اللَّهَ وَالرّسَالَاتِ وَالْأَنْبِيَاءَ
جَاءَتْ قَافِلَتُكِ يَاسِيدِي .. حَامِلَةً الرَّبِيعَ فِي يَدَيْهَا ، تُرِيدُ أَنْ تَرْسُمَ النَّهَارَ فِي لَيْلِ عُقُولِهِمْ ، وَلَكِنَّهُمْ قَطَعُوا تِلْكَ الْيَدَيْنِ وَسَرَقُوا الْخِنْصَرَ ، أَطْفَئُوا نُورَ النُّجُومِ ، لَا يُرِيدُونَ مِنْكَ أَنْ تُضِيئَ سَمَائُهُمْ ، لِذَلِكَ أَضَاعُوا الطَّرِيقَ.
قَتَلُوكَ يَا أَبَا الْأَحْرَارِ كَيْ لَا تَقُومَ بِثَوْرَةٍ ضِدِّهِمْ ، وَإِذَا بِكَ تَلْتَفُ حَوْلَ أَعْنَاقِ سُيُوفِهِمْ وَتَقُودُ ثَوْرَتَكَ وَأَنْتَ نَحْرٌ !
لَا أَضْحِكَ اللَّهُ سِنّ التَّارِيخِ ، وَصَفْحَةَ إِسْتِشْهَادِكَ لَازَالَتْ تَقْطُرُ دَمًاً وَتُلَونُ صَفَحَاتِهِ ، وَكُلَّمَا حَاوَلُوا أَنْ يَطْمَسُوا وَيَمْلَؤَا وَجْهَ التَّارِيخِ بِكَثْرَةِ بُطُولَاتِهِمْ الْمُزَيَّفَةِ ، غَرِقَتْ صَفَحَاتُهُمْ بِدَمِكَ الْمُطَهّرِ ، وَابْتَلَعَ خُلُودَكَ الْعَظِيمُ خُلُودَهُمْ الْكَاذِبَ ، فَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلّتْ بِفِنَائِكَ ، وَفُزْتُمْ وَاَللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا.