أحمد حسين ال جبر
المظلوم والظالم ، الحق والباطل ، الخير والشر ، معادلات من طرفين متناقضين طرف له اجر وطرف اخر له ذنب ، طرف منها له حق على الله سبحانه وتعالى بالثواب ، وطرف عليه عقاب من الله .
“هنيئا ًلمن بات والناس يدعون له وويل لمن نام والناس يدعون عليه ، وهنيئاً لمن بات مظلوم وويل لمن بات ظالم ، وهنيئا ًلمن بات مع الحق وويل لمن بات مع الشر .
قصة سمعتها عن ظالم ومظلوم وتلك العاقبة من الله لظالم ارويها لكم لعلها تكون عبرة لمن يريد وهي تتحدث عن ضابط مسؤول عن رفع التجاوزات عن الطريق مع صاحب ((بسطية صغيرة)) رجل فقير يسترزق منها كونه عاطل عن العمل وليس له راتب تقاعدي ولا راتب رعاية اجتماعية وله عائلة ويسكن في إحدى أحياء التجاوز (( العشوائية)) .
ذات يوم حار صدر امر إلى أحد الضابط العاملين في رفع التجاوزات أن يرفع التجاوزات عن الطريق الموجود فيه هذا الرجل الفقير ، خرج الضابط يرافقه ضابط اخر من المقربين اليه وهو صديق حميم لهذا الضابط مع مفرزة من الشرطة ، بدأوا في رفع التجاوزات وكانوا يلقون القبض على المخالفين مع بضاعتهم وحين وصلوا إلى هذا الرجل ولكونه كبير في السن لم يستطيع أن يجمع بضاعته ويهرب حاله حال الشباب الذين كانوا متجاوزين معه في الطريق مسكت المفرزة هذا العجوز وجمعوا بضاعته وجائوا به إلى الضابط كونهم قد تعاطفوا معه وارادوا أن يساعدوه بإحضاره الى الضابط ، لكن تفاجئوا بسلوك الضابط مع هذا الرجل العجوز الذي كان بقسوة رغم توسله به وقد اخبره انه يعيل عائلة ولايملك فرصة عمل ولا راتب تقاعد أو رعاية اجتماعية ويسكن في التجاوز ((العشوائيات)) وليس له مصدر رزق غير الجلوس بهذا الشارع والذي رزقه يكفيه حد الكفاف مع عائلته لكنه مقتنع فيه ، وبعد تدخل الضابط الصديق لآمر المفرزة وأفراد المفرزة المرافقة لهم عفا عنه وتركه مع بضاعته ولكن بطريقة قاسية جدا أهان فيها الرجل العجوز ، ذهب الرجل العجوز الى البيت مهموما مكسور الخاطر وبات مظلوما مهان لاتوجد له طريقة يدافع بها عن نفسه في ظل هذا الزمن العجيب الذي نعيش فيه أو مصدر آخر يستطيع أن يحقق منه رزق عائلته قدر المستطاع غير أن يتوجه الى رب العالمين الذي لاتخفي عليه خافية وهو البصير الرقيب والحسيب للعباد .
ثاني يوم غاب الضابط عن الدوام وهو على غير عادته وحينما اتصل به صديقه الضابط اخبره انه مريض جدا ورجله لاتحمله ولايستطيع الحراك ذهب اليه للبيت واصطحبه الى الدكتور لإجراء الفحوصات ليظهر فيها انه مصاب بالقدم السكري ويحتاج الى عملية فورية لبتر الإصبع كونه ملتهب ولاينفع معه علاج إلا البتر ، وفعلا تم بتر الإصبع على أمل أن يهدأ الألم لكن بعد أن آفاق من التخدير ازداد الألم عليه وفي اليوم الثاني راجع الضابط مع صديقه نفس الطبيب ليخبره أن الالتهاب قد ارتفع في القدم ولابد من بتر القدم وفعلا تم بتر القدم ، ولكن الحال نفس الحال لم يتغير إذ الألم يزداد ولم يهدأ وفي اليوم اللاحق عادوا للدكتور ليخبره أن الالتهاب في القدم ارتفع في الساق ولابد من بتر الساق تحت الركبة وفعلا تم بتر الساق ولم يهدأ الألم حينها تذكر الضابط الصديق موقف صديقه مع الرجل العجوز الذي اهانه في حملة رفع التجاوزات وتوسله لغرض العفو عنه ، قال لصديقه : عليك الاعتذار من الرجل العجوز الذي وجهت له أقسى العبارات والالفاظ التي اشعرته بالذل وألهوان في بلد الخيرات والذي سرق الفاسدين كرامته كي يعفو عنك لانه شعر بالظلم والمظلومية ودعوة المظلوم مستجابة . وفعلا ذهب هو وصديقه الضابط كي يعتذر منه ويطلب أن يسامحه وماكان من هذا الرجل العجوز الا ان يسامحه على مافعل معه عندها هدات آلآم هذا الضابط لانه شعر براحة الضمير وهنيئا ًلمن بات وهو مرتاح الضمير والعاقبة للمتقين ..