تقارير وتحقيقات

زواج “الفصلية” في العراق.. مواصلة رغم التجريم والنبذ الاجتماعي

 

نور البصراوي

يستمر مسلسل زواج الفصلية “الدية”، وكذلك زواج القاصرات في العراق، على الرغم من بعض الملاحقات القانونية والنبذ الاجتماعي لهذه الظاهرة، حيث أنها باتت تعتبر من الحالات السلبية، لكنها على أرض الواقع مستمرة.
وتتلخص طريقة زواج الفصلية أو زواج الدية، بأن تطلب فيه العشيرة المعتدَى عليها من العشيرة المعتدية تزويجهم امرأة من بينهم تُسمَّى “الفصلية”.
وبموجب هذا الاتفاق تصبح المرأة الفصلية زوجة قانوناً وشرعاً، إلا أنها تتعرض غالباً لمعاملة مهينة باعتبارها مجرد ثمن مقبوض، دون أن تملك حقاً في الاعتراض أو طلب الطلاق، وحتى إنها تُجرَّد غالباً من جميع حقوقها.
وتعتبر العشائر أن عرف الفصلية، هو الحلّ الأمثل لإنهاء النزاعات وإصلاح ذات البين بين العشائر.
وقد ظلّت القبائل العراقية تحتكم إلى هذا العرف سنين طويلة، وأصبح راسخاً في عديد من الأرياف، بخاصة في جنوب العراق.
إلا أن الدولة سنّت قوانين وتشريعات صارمة لتجريمه، في خمسينيات القرن الماضي، وأصبحت الرقابة مشدَّدة على عرف الفصلية، الذي بدأت تقلّ نسب تطبيقه بين العشائر، لكنه مستمر حتى يومنا هذا.
وفي وقت سابق، عبّر رجال دين في العراق ومنظمات المجتمع المدني والناشطون الحقوقيون عن استنكارهم لهذا العرف باعتباره مخالفاً للقانون العراقي، وانتهاكاً لحقوق المرأة.
حيث يعتبر أن تسليم النساء ثمناً لإنهاء نزاع عشائري، يُعَدّ جريمة يعاقب عليها القانون العراقي وفق المادة 9 من قانون الأحوال الشخصية مرقم 188.

وتنصّ هذه المادة على معاقبة من يُكرِه شخصاً، ذكراً كان أم أنثى، على الزواج بلا رضا منه، أو منعه من الزواج بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة، إذا كان المكره أو المعارض أقارب من الدرجة الأولى.
أما إذا كان المعارض أو المكره من غير الدرجة الأولى فتكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات أو الحبس لمدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات، باعتبار أن عقد الزواج وقع بالإكراه.
ولكن هذه القوانين أصبحت مجرد حبر على ورق بسبب الخوف من العشائر التي تنامت قوتها أمام ضعف الدولة، وضعف الحكومات المتعاقبة على العراق منذ عام 2003، بحسب الناشطة علا رحيم.
وقالت علا، إن الحراك النسوي يستمر في نضاله من أجل وقف هذه الممارسة التي يقولون إنها “تمتهن المرأة وتحرمها حقوقها”، وتعرّضها لأبشع أنواع الظلم، كما أن زواج الفصلية في الوقت ذاته يهدّد النسيج المجتمعي في العراق بالتفكك.
وفي دراسة أُجريت في مدينة البصرة، جنوب العراق، عام 2017، وشملت 62 امرأة حاولت الانتحار بإضرام النار في أجسامهن، تعطي بعض المؤشرات، ففي 80% من الحالات قالت هؤلاء النساء إنهن فعلن ذلك بسبب خلافات عائلية تتعلق خصوصا بزواجهن.
وفي عام 2015، قدمت إحدى عشائر محافظة البصرة الجنوبية “50 امرأة فصلية”، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى