اخبار محليةتقارير وتحقيقات

في جامعة وارث الأنبياء.. التعلم، والتدريب،هو من ينمي قدرتك و مسيرتك المهنية في النفط والغاز

حوار : فاطمة الجنابي

يُعد قطاع النفط والغاز من الركائز الأساسية لاقتصاد العراق، مما يستوجب إعداد كوادر هندسية قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في هذا المجال. ومن هذا المنطلق، أسست جامعة وارث الأنبياء (ع) قسم هندسة النفط والغاز عام 2023، واضعةً نصب أعينها رؤية استراتيجية تهدف إلى تخريج مهندسين مؤهلين يمتلكون المعرفة الأكاديمية والمهارات العملية التي تؤهلهم للاندماج في سوق العمل المحلي والدولي.
ماهو دور الجامعة في تطوير هذا القسم ؟
حرصت جامعة وارث الانبياء منذ تأسيس القسم على توفير بيئة تعليمية متطورة، من خلال التوأمة مع الجامعات المرموقة مثل الجامعة التكنولوجية في العراق وجامعة أمير كبير في إيران، إلى جانب التعاون مع شركات نفطية دولية لتوفير التدريب العملي للطلبة. كما عملت على تحديث المناهج الدراسية لمواكبة المتغيرات في قطاع الطاقة، سواء في مجال النفط التقليدي أو مصادر الطاقة البديلة.
إضافةً إلى ذلك، عززت الجامعة البحث العلمي من خلال نشر البحوث في مجلات عالمية محكمة وتنظيم مؤتمرات وورش عمل تخصصية، مما أسهم في تعزيز مكانة القسم أكاديميًا ومهنياً. كما تسعى الجامعة إلى فتح برنامج للدراسات العليا بهدف تطوير الكوادر البحثية والهندسية في هذا المجال الحيوي.
وبفضل هذه الجهود، شهد القسم إقبالاً متزايدًا من الطلبة، مما يعكس ثقة المجتمع بقدرة الجامعة على تقديم تعليم هندسي عالي الجودة يواكب تطلعات سوق العمل ويحقق التنمية المستدامة في قطاع النفط والغاز.
كان لـ ( لوكالة الرأي ) هذا الحديث الخاص مع رئيس قسم هندسة النفط والغاز الدكتور ضياء خفيف خشاب :
ماهي الاهداف و المخرجات التي وضعتموها عند استحداث قسم هندسة النفط والغاز ؟
خشاب : ان الهدف الأساسي من استحداث هذا القسم هو العمل على تأهيل وتخريج أجيال تحمل جودة عالية في مجال الطاقة النفطية ، ونحن نعمل وفق رؤية العتبة الحسينية المقدسة
والتي تنص على ان تكون جامعة وارث الأنبياء مكاناً علمياً يتعلم فيه الطالب المهارات العملية بالإضافة الى الحصص النظرية .
اما على صعيد المخرجات فان الجامعة تصنع مخرجاً وهو الطالب الاكاديمي لذلك نعمل على تجهيز طلبة مؤهلين لدخول سوق العمل ومنها إلى المصانع والشركات النفطية .
لكل كلية هناك أهداف بعيدة المدى وقصيرة المدى. ما هي أهداف كليتكم؟
خشاب : بكل تأكيد نعمل وفق هدفين هما المدى القصير والمدى البعيد وهذه الأهداف ضمن
الخطة التي وضعناها في بداية تأسيس هذا القسم حيث تشمل اهداف كالتالي :
الأهداف قصيرة المدى:
1- تأسيس أقسام هندسية ذات مستقبل، لمواكبة سوق العمل العالمي والمحلي.
2- تأسيس الأقسام الهندسية لا يجب أن يقتصر على المباني والقاعات الدراسية، بل يجب أن يكون هناك ترابط مع الصناعة أو سوق العمل، وهو أحد متطلبات نظام “مسار بولونيا” (بأن يكون هناك مجلس استشاري يربط بين الشركات أو المستشفيات).
وبالتالي، نخرج طالبًا لديه خبرة مسبقة في اختصاصه، فيكون جاهزًا لسوق العمل.
الأهداف بعيدة المدى:
1- بناء علاقات استراتيجية مع الشركات والجامعات الدولية، فنحن لا نخرج طلابًا ليكونوا عاطلين عن العمل ينتظرون فقط التوظيف الحكومي، بل نربط العلاقات مع شركات القطاع الخاص والجامعات الدولية الخاصة، بحيث نوفر وظائف مسبقة من خلال عقود تُوقَّع مع هذه الشركات والجامعات، ليطمئن الطالب عند التسجيل في جامعة وارث الأنبياء، فلا يندم لاحقًا على عدم حصوله على وظيفة.
ما هي طبيعة المناهج التي تُدرَّس في كلية هندسة النفط والغاز؟ وهل هناك توازن بين الحصص النظرية والعملية؟
خشاب : بالنسبة للحصص التدريسية، فإن كلية الهندسة تتبع غالباً نظام “مسار بولونيا”، حيث يتم التوأمة مع جامعة حكومية أخرى.
وان قسم هندسة النفط والغاز مرتبط باتفاقية توأمة مع قسم هندسة النفط والغاز في الجامعة التكنولوجية، لذلك نتشارك معهم المنهج ذاته، ولكن هذا لا يعني أننا نستخدم بالضبط نفس المواد العلمية، حيث تكون المواد أكثر مرونة، مما يسمح للتدريسيين بتحديث المنهج وفقًا لاحتياجات سوق العمل والتطورات الحاصلة في هذا الاختصاص.
بما أن الكلية حديثة النشأة، كيف تلقيتم إقبال الطلبة عليها خلال الدفعتين الأولى والثانية؟ وهل هناك تباين بين المرحلتين؟
خشاب : رغم ان القسم حديث التأسس حيث تم استحداث قسم هندسة النفط والغاز في جامعة وارث الأنبياء في العام الماضي، وتم قبول (59) طالبًا في السنة الأولى، وفي السنة الثانية ارتفع العدد الى قبول(226) طالبًا في المرحلة الأولى، مما يبين الزيادة الكبيرة في الإقبال.
وهذا نابع من كون القسم لم يكن معروفًا في البداية، ولكن مع مرور الوقت، زاد الإقبال عليه بعد تداول المعلومات عنه بين الناس، كما أن العاملين في الصناعة النفطية أبدوا اهتمامًا كبيرًا بالقسم، مما دفع بعضهم إلى تشجيع أبنائهم على التخصص في نفس المجال.
لكن الأهم في الجامعات التابعة للعتبة الحسينية هو كسب ثقة الناس في الحفاظ على أبنائهم وعلى رصانة العملية التعليمية، ونتمنى استمرار هذه الثقة واستمرار الجهود المبذولة في هذه الجامعات.
ما هي معايير قبول الطلبة في كلية هندسة النفط في جامعة وارث الأنبياء؟
خشاب : يعتمد قبول الطلبة في الأساس على المعدلات التي تحددها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، حيث يتم قبول خريجي الإعدادية للفرع العلمي بمعدل 71.50 للدراسة الصباحية، و59.50 للدراسة المسائية، وهذه المعدلات تُعد ضمن المحددات الأساسية للقبول في القسم.
ما نسب التعيين المركزي لقسم هندسة النفط والغاز؟
خشاب : في الحقيقة حتى عام 2017 كان يتم تعيين جميع خريجي هذا التخصص تعيينًا مركزيًا، ولكن بعد ذلك توقف التعيين المركزي للقطاع الحكومي وأصبح مشروطًا بعقود.
حاليًا، أغلب مهندسي النفط يعملون ضمن تراخيص لشركات أجنبية، ومع أن الكثير يفضلون القطاع الحكومي، إلا أنني شخصيًا لا أنصح به إذا توفرت فرصة للعمل في شركات التراخيص، لأن هذه الشركات تقدم رواتب مرتفعة، إضافةً إلى اكتساب اللغة الإنجليزية بصورة احترافية، نظرًا للتعامل مع الشركات الأجنبية، إلى جانب الممارسة العملية للاختصاص. لذا، أرى أن الوظائف الحكومية قد لا تكون مستقبلًا مضمونًا، ولا أنصح الطلبة بالاعتماد عليها.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتموها عند استحداث هذا القسم ؟
خشاب : بالطبع، كل بداية تتخللها صعوبات وتحديات، ومن أبرزها كان اختيار الكادر الوظيفي.
فاختصاص النفط، سواء البكالوريوس او الماجستير أو الدكتوراه ، تم تعيين معظم خريجيه في وزارة النفط أو في شركات التراخيص، مما جعل من الصعب الحصول على تدريسيين للعمل في القسم، لذلك أغلب التدريسيين الذين تقدموا للتدريس كانوا حديثي التخرج ولم يمارسوا مهنة التدريس في الجامعات .
لكن بعد ذلك، قدّم مجلس الخدمة الاتحادي فرص التعيين للخريجين الذين تم تدريبهم وتأهيلهم، فكان من مسؤوليتنا إعادة تدريب الكوادر الأخرى.
لذلك، تحتاج الأقسام الأكاديمية إلى كادر وظيفي متكامل للحصول على الاعتمادية الدولية، وهذا يتطلب سنوات من العمل لتوثيق البيانات، الامتحانات، والرؤية الأكاديمية، وصولًا إلى اعتماد القسم دوليًا من منظمة ABET.
ما هي الاتفاقيات أو البروتوكولات التي أقامتها كلية هندسة النفط والغاز في جامعة وارث الأنبياء على المستوى المحلي أو الدولي؟
خشاب : رغم أن القسم تم استحداثه خلال العام الماضي، إلا أن الاتفاقيات التي أبرمها كانت جيدة جدًا.
حيث وقعنا اتفاقية تعاون مع جامعة أمير كبير – قسم هندسة النفط في إيران، والتي تُعد من ضمن جامعات شنغهاي المصنفة ضمن المراتب المتقدمة ومن أفضل الجامعات في الشرق الأوسط في اختصاص النفط والغاز، وتشمل الاتفاقية بحوثًا وتدريسًا مشتركًا، بالإضافة إلى تدريب صيفي في جامعة أمير كبير.
كما وقعنا اتفاقية توأمة مع الجامعة التكنولوجية داخل العراق، إلى جانب تعاون مع جامعة مونتانا في أمريكا.
قمنا أيضًا بتقديم سمنار قبل فترة مع أحد الأساتذة من جامعة ستانفورد، بالإضافة إلى تنظيم ندوات علمية بالتعاون مع جامعات أخرى ضمن مؤتمرات هندسة النفط والغاز، مثل جامعة البصرة – هندسة النفط والغاز، وجامعة كربلاء.
هل حققتم إنجازات علمية خلال العامين الأولين من استحداثكم لقسم النفط والغاز؟
خشاب : كقسم أكاديمي، نركز على المخرجات، والتعليم ذو الجودة العالية للطلبة.
كما قمنا بإرسال الطلبة للتدريب في شركة EBS الصينية لاكتساب خبرة عملية تؤهلهم للعمل في شركات التراخيص النفطية.
أما بالنسبة للكادر التدريسي، فقد نشرنا العديد من البحوث ضمن قاعدة Scopus هذا العام، بالإضافة إلى إقامة مؤتمرات علمية، مثل:
مؤتمر الهندسة في جامعة وارث الأنبياء.
مؤتمر التوأمة مع الجامعة التكنولوجية.
مؤتمر هندسة النفط والغاز بالتعاون مع جامعة البصرة.
كما نظمنا ورش عمل علمية ونشرنا أبحاثًا ضمن مجلات عالمية محكمة، مما يمثل حصيلة إنجازاتنا خلال سنة واحدة فقط.
هل هناك نية لاستحداث برنامج الدراسات العليا خلال السنوات القليلة المقبلة؟
خشاب : نعم، لدينا خطة لاستحداث برنامج لدراسات العليا، وقد وقعنا اتفاقية مع جامعة أمير كبير، ومن ضمن بنودها فتح دراسات عليا داخل قسم هندسة النفط والغاز.
حيث تم رفع هذه الاتفاقية كمذكرة إلى عمادة الكلية، ومنها إلى رئاسة الجامعة للحصول على موافقة مجلس الجامعة ونامل ان نحقق نقلة نوعية على المستوى البحث العلمي خلال السنوات المقبلة في مجال الطاقة النفطية .
ما هي نظرتكم المستقبلية للقسم؟ وهل أنتم مستعدون لمواكبة التطورات التكنولوجية في المجال الهندسي؟
خشاب : هناك العديد من الأحاديث حول التغير المناخي وانتقال الطاقة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل النفط.
لكن عالميًا، لا يزال النفط هو المصدر الرئيسي للطاقة، كما أنه الشريان الاقتصادي للعراق.
لذلك، رغم التغيرات الحاصلة في قطاع الطاقة، إلا أننا نعمل على تحديث مناهجنا، بحيث تشمل مواد تتعلق بالطاقة المتجددة والهيدروجينية، مما يضمن أن يكون خريجونا قادرين على مواكبة التطورات العالمية التي تطرا بين فترة واخرى في سوق العمل.
في ظل التطورات الحالية، نلاحظ اندثار العديد من المجالات. فهل يمكن للمجال النفطي أن يندثر مستقبلاً؟
خشاب : من الصعب جدًا اندثار هذا المجال في المستقبل القريب.
لقد أقمنا ورشة عمل حول مستقبل النفط في العالم وتغيرات الطاقة، وتوصلنا إلى أن النفط سيظل المصدر الأساسي للطاقة على الأقل خلال المئة سنة القادمة. وهذا مؤشر يعطي اطمئنان الى كل من لديه تخوف او تردد في الدخول الى مجال الطاقة النفطية .
ختاماً : ما هي نصيحتك أو رسالتك التي تود ان تقديمها؟
خشاب : رسالتي سوف تكون الى فئتين مهمتين في المنظومة التعليمية أقول من خلالها
اولاً الطلبة : نصيحتي لهم أن يستغلوا الفرصة التي قُدِّمت لهم، سواء من حيث الموارد، التعليم، المصادر العلمية، والاستشارات، فهم الآن في أوج عطائهم العلمي.
كما أن عليهم الاجتهاد في دراستهم، خاصة أن جامعة وارث الأنبياء تمنح التعيين للخريجين الثلاثة الأوائل داخل الجامعة، إضافة إلى أن الطلاب المتميزين قد يحصلون على فرص عمل في شركات التراخيص الأجنبية، مما يضمن لهم مستقبلاً واعدًا.
ثانياً️ التدريسيون:
رسالتي لهم هي أن المصادر العلمية والتكنولوجية متوفرة الآن بشكل كبير، لذلك عليهم بذل جهد أكبر في إيصال المادة العلمية إلى الطلبة بأفضل الطرق، مع تقديم النصح والإرشاد لهم، فهم بمثابة أبنائهم، ومستواهم الأكاديمي هو انعكاس لمستوى التدريسيين أنفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى