هادي جلو مرعي
العراقيون كمجموعة أشخاص إختاروا السير في طريق لغمت من جانبيها، وفي أثنائها، فلايعلمون متى تنفجر الألغام من تحت أرجلهم، فيتساقطون دون توقع من سيسقط، ولكنه سقط على أية حال فالألغام في كل مكان، وهناك فقدان للبوصلة، حيث يشاع الفساد ليتحول الى منظومة فاعلة محمية هي من تتحكم بمسارات الأشياء والأفكار والقرارات، ويكون فيها الضعيف محكوما، والقوي حاكما مع فقدان التوازن في العلاقة بين الإثنين، حيث تخرج عن السياقات الطبيعية، وتنهار القيم في المجتمع، ولانعود نميز الصالح من الطالح، مع إننا نستمر في الحديث عن الصلاح، ومواجهة الفساد الذي اصبح وكأنه وسيلة حياة لابديل عنها.
يقول النبي في حديث مختلف على صحته متفق على معناه، إنما أهلك من كان قبلكم إنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. فوالله لو أن فاطمة بنت محمد( وحاشاها ) سرقت لقطعت يدها. وهو حديث يصف التقسيم المجتمعي البغيض لفئتين إحداهما قوية مترفعة متبجحة لاتخشى حسابا ولاعقابا لإنحرافها وفعلها المشين، وفئة مغلوبة على أمرها تنفذ فيها القوانين بحذافيرها كما في بعض الدوائر حين تنام المعاملات لأشهر، ولايتم توقيعها وتمضيتها بإنتظار لحظة الوصول الى تفاهم مع صاحب المعاملة لدفع مبالغ مالية مقابل التوقيع،بل ويتم تطبيق القوانين بحذافيرها حين التدقيق، وطلب الأوليات والأوراق اللازمة، وهي حالة مرضية تضرب دوائر الدولة العراقية بطريقة صادمة ومتجذرة.
السياسيون في العراق والمتنفذون يفعلون مايحلو لهم دون خشية، ويصرحون بذلك علنا حتى وجدنا البعض منهم وهو يوصف بصفات الكرم والشجاعة حين يسرق، ويهب من مسروقاته لمن يرغب لشراء الولاء. وقد علق في أذهان العراقيين تصريحات السيد مشعان الجبوري عن الفساد، وعن السرقات،، وإعترافه بذلك، وتأكيده على هذا الفعل، وعدم خشيته من شيء، أو من ردات فعل قانونية وسياسية كأنها تمر من امامه، وتتخطاه، وتذهب لمن دونه في المرتبة والنفوذ، بل وتختار الضعيف وتنهكه، وتحوله الى ضحية طالما إنه لايملك ذات النفوذ والقوة، ويفتقد إلى تلك العناصر من القوة، وصار عدد من السياسيين أدوات للضغط من أجل تعطيل مصالح الشعب والناس، وملاحقتهم في قوتهم اليومي وأرزاقهم التي تهددها مطامع ومصالح الكبار ممن فضلوا أن يتنعموا، بينما يشقى شعبهم.