كتب/ طلال العامري / النهار نيوز
تعوّدنا وفي كل موسم انتخابي، سياسي، رياضي.. سماع “حروف وكلمات” الوعود والعهود التي مللنا منها، يضاف لها “القسم” بين المتحالفين الذين لا يأمنون “بعضهم لبعض” وبكل الكتب السماوية والأنبياء والأئمة والرجال الصالحين وغير “المصلحين” عن طريق أغلب المتسابقين من المرشحين والمؤيدين..!
كلهم يتحدثون باسم الوطن و”الوطن” مريض بسببهم..!
حتى نصل إلى حفظ ما يطلق من شعارات يتم تعميمها وتداولها بمقابلٍ أو تطوّعاً، تذكّرنا بمحفوظات أيام زمان التي “حفرت لها مكان نتيجة صدق المعلّم الذي علّم فزرع كي يحصد الوطن وليس غيره الأرواح والخيرات”..!
نرجع إلى “المحفوظات” يعني “النشيد وكان مطلعه يقول: البلبل الفتان.. يطير في البستان.. غنى على الأغصان.. بأعذب الألحان..
كنا نردده ونعيش الحذر من ومع البلبل، معتقدين أن ذلك البلبل (الفتّان) ينقل الكلام ويزرع الفتن..!
كم كان الفكر محدوداً وقتها، لكوننا عرفنا لاحقاً، أننا حفظنا بلا فهم واتضح أن مفردة الفتّان، لها معان كثيرة ونحن “الصغار” لم تعلق في افكارنا سوى ما تعلمناه من أهالينا عنها وهو أن (الفتّان يروح النار) وقطعاً “بلبلنا” الصغير منهم..!
هذا ما يحصل اليوم.. يجعلون الناس تحفظ ما يريدون “هم ويروّجون له” وعند البحث عن معاني المفردات أو كم الوثائق التي تسرّب أو تظهر، يأتيك التأويل الذي يريحهم هم “وحدهم” وتركنا نحن في حيرة من أمرنا.. نضرب الأخماس بأسداس..!
في كل المجالات.. صراعات فيما بينهم ونحن الوقود.. تسقيط وتنكيل وإحباط ونحن الشهود..!
غالباً هم الفائزون… انتخبناهم أو لم ننتخبهم.. يفوزون.. ونسمع من يتّهم الأغلبية الصامتة “النائمة” بأنها السبب..! طالعوا الوسط الرياضي ومشاهده.. ستجدون ما لا يسرّكم من زمااان.. كون الغالبية العظمى تم تجريبهم وفشلوا.. ونرى من يستقتل، كي يعود ويفوز الفاشل من جديد دافعين به إلى سدة الحكم وكرسي المنافع الذي شبع “منّا” الشتائم الكثيرة وصبر علينا، كونه يعلم أننا ندري ولا ندري ولابد من شتمه هو لا غيره، ليكون التبرير الذي بات كل شيء في حياتنا (الواحدة) بعد استنفاذ حيوات أخرى لتعدد قرب مرّات الموت منّا حتى راحت تحسدنا القطط عناداً بالكلاب..!
لا نريد التفلسف ومهما قلنا لن نصل إلى ما نريد طرحه.. وحتى تعلموا ما نريد لكم أن تصلونه وتعرفونه، نروي لكم هذه الحكاية التي طالعنا يوماً وهي من الدولة الشقيقة الجزائر وسواء صدقت مفرداتها أم كانت من نسج خيال الكاتب، الأمر سيان اعتقاداً منّا كونها تؤدي الغرض..!
أما لماذا نستشهد بحكاية من هناك..؟ نوضّح قبل سردها بتصرّف..!
تعد الجزائر من أكثر البلدان التي تعاملت مع الديمقراطية الحديثة، حالها كحال جاراتها من الشقيقات اللواتي تأثرن بالفرنسيين كثيراً وحدث بينهم التصاهر وأشهره بين الفرنسي الذي فاز بقلب جميلة بوحيرد تلك الفتاة التي حلمنا بانقاذها يوماً وحتى الزواج منها بالحلم على الأقل للذي نقل عنها روايات وأفلام ولا ننكر أن “ماجدة” التي جسّدت شخصيتها ورغم فارق السن بيننا بقيت هي (بو حيدر التي نعشق) وكلما قارنا صورتها بصورة الأصل، تميل الكفّة لها، كيف لا وهي التي لم يترفع صوتها بأعلى “تون” إلّا همساً..!
كانت “جميلة” ثورية جداً ونالت تعاطف الجميع الذين لم تتأثر بهم (هي) كتأثرنا بنسختها، فاختارت عن دون الناس فرنسياً من الدولة التي سبق واحتلت بلدها متزوجة منه مستقرة هناك ناعمة بالحرية “الحقيقية” الموجودة على أطراف الشانزليزيه..!
ضحّت كثيراً ولم تنعم بالراحة في بلدها..! “مفارقة” ولكنها ليست أكثر غرابة من هذه الحكاية التي تقول..
يحكى أن كلباً من كلاب “الدرك” الوطني الجزائري، كان واقفاً في حاجز أمني.. بالصدفة عبر “نائب برلمان” بسيارته.. وطبعاً البرلماني لديه حصانة ولا يمكن تفتيشه.. و عناصر الدرك عندما تعرفوا عليه.. سمحوا له بالمرور بعد أن رفعوا له و”أمامه” الحواجز بسرعة البرق “مسؤول ويخشون بأسه” حالهم من حالنا تزداد لدينا الخشية..!
لكن كلب التفتيش، كان له رأي آخر بواسطة حاسة الشمّ القوية التي يمتلكها..!
حيث كان متأكداً أن سيارة النائب البرلماني فيها مخدرات..!
وَبَدأ بالنباح، ثم حاول أن يهجم على السيارة..!
طبعاً عناصر الدرك عرفوا بأن السيارة فيها مخدرات ويثقون بانف كلبهم..! ولكنهم لم يستطيعوا اعتراض طريق النائب وتفتيش سيارته خوفاً من الحصانة التي يتمتع بها..! لكن الكلب كان مصمماً (هو كلب ابن كلب) لا يسمع كلام من أحد، إلّا أنفه وما تعوّد عليه..!
مع إصراره وحركاته المرتعشة، أفلت الدركي السلسلة التي كانت تسيطر على كلبه.. الذي ما أن تحرر حتى إنقضّ على السيارة..!
في هذه الأثناء تقدّم عناصر الدرك من النائب (بسبب الكلب الفتّان) وطلبوا منه السماح لهم بتفتيش السيارة التي عثروا بداخلها على كميات كبيرة من المخدرات..!
هذا “الكلب الفتّان” لا يعرف ماذا يعني نائب أو وزير و لا يعرف الحصانة أو النجومية، رياضي، فنان، كبير، صغير المهم عنده أداء الواجب..!
هذا الكلب تدرّب على خدمة الوطن فقط، كما درّبوه على الوفاء لأرضه التي يعيش عليها.. والوفاء لصاحبه الذي يطعمه ويشرّبه.. والوفاء لعمله المكلف به..!
الكلب لم يقسِم على حماية الوطن ولا يعرف معنى الوطن وليس عنده جنسية تحمل اسم الوطن..!
أساساً هو فقط لاحظ الخطأ و رفض أن يحصل..!
أنت كإنسان، عندما تسمع عن وزير إختلس أموال الدولة أو قاضٍ أخذ رشوة أو مدعي رياضة سيطر على مقدرات الرياضيين وسخّرها لمنفعته و سلطته وسطوته واستعبد بعدها حاشيته ليسيّرها على هواه وأهوائه.. وفي الاتجاه الآخر تجد كلب يقوم بواجبه تجاه الوطن على أكمل وجه، لا يخون ولا يبيع أو يرتشي لا يأكل وقربه جائع، رغم أنه لا يأخذ راتب “مستحق أو تحت العباءة”..! حتما ستحزن ونحزن معك على حالنا كبشرٍ “لا نعلم هل نستحق أو لا نستحق الحياة”؟
عندما تجد كلب أوفى وأشرف من بعض المسؤولين في بلدك ستحزن..!
عندما تجد الوحيد الذي يقوم بعمله على أحسن وجه هو كلب ستحزن..!
كلب لم يخف من السلطة بقدر خوفه على الحق..!
الكلاب وفيّة وتعرف معنى المسؤولية..!
نجزم أن ما رغبنا بإيصاله وصلكم بالكامل.. ونختم بالقول..
كونوا كلاباً وسوف نقف إلى جانبكم وَننتخبكم بالعشرة.. وإن لم نفعل.. عاقبونا كما فعل الكلب مع النائب..!
دمتم ولنا عودة هذا إذا ما “صار شي”..