سعد رزاق الأعرجي
قد يختلف التفكير بين الماضي والحاضر في كل شيء لاسباب يعلمها الجميع، قد تكون العولمة واختلاف الستراتيجيات وسمو طابع التنافس والهيمنة من مقوماتها، ولم تكن الرياضة بمنأى عن كل هذا التطور المذهل والسريع بل دخلت بهذا المعترك بقوة وثقل مادي لدى بعض الدول فكانت لها ستراتيجيات مدروسة وصحيحة حتى أضحت معروفة عالميا فعرفت قطر مثلا بنيلها استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 وعرفت الإمارات ببرج خليفة أعلى برج بالعالم وهكذا. وماكان هذا عبثاً بل بسعيها الحثيث في هذا المجال وان توظف كل امكانياتها وقوتها المالية من أجل الهدف.
كان التفكير في إعداد المنتخب ينصب على كيفية أن تأتي بمدرب مشهور عالميا وان تجمع احدعشرة لاعبا مع أعداد جيد لتدخل بهم المنافسة ولتكن اعيننا تراقب اللاعبين وأداءهم وما يفعله المدرب ونريد منهم البطولة أو أن نحظى بشرف التأهل لكأس العالم وهو مطلب كل الشعوب.
اليوم لم يعد الظفر في أي بطولة مهمة مجرد مدرب ولاعبين بل أصبح مشروع دولة بأكمله، فبعض الدول تستعد قبل عشرات السنين فتضع البرامج والخطط المستقبلية وتسير على خطاها وعلى سبيل المثال كرة القدم اليابانية لم تكن معروفة عالميا ولا حتى آسيويا حتى ثمانينيات القرن العشرين وكانت ممرا سهلا للفرق لكن خلال أعوام انقلب الحال بفضل السياسة المدروسة للدولة للنهوض بواقع كرة القدم هناك وأصبحت تهيمن على اسيا وأعلنت انها لن تغيب عن كأس العالم بعد الآن وأنها تخطط لنيل اللقب العالمي عام 2050 ، لذا فعلى اي دولة تريد إنجازا عالميا فعليها فعل ذلك، فبالإضافة للخطط المستقبلية والبرامج الإعدادية يأتي الدعم الحكومي والاهتمام واعتبار المسألة مهمة سياسية شأنها شأن أي مشروع سياسي مصيري فتهتم بالبنى التحتية اولا ودعم وإنجاح دوري المحترفين وجعله يوازي أفضل الدوريات في المنطقة وهذا بالتأكيد له أثره الإيجابي على قوة المنتخب ومنه ينطلق اللاعب نحو الاحتراف الخارجي فعرف محمد صلاح مصريا ورياض محرز جزائريا وآخرون.
أن الذي دعاني إلى هذه المقدمة هو سؤال استفزني في إحدى الفضائيات وجه لأحد المدربين المحليين : هل كاتانيش قادر على الصعود لكأس العالم؟ لعل جميع خبراء الرياضة في هذا المجال يعلمون جيدا جواب السؤال فالمدرب ولاعبيه لن يستطيعوا تحقيق هذا الأمر بمفردهم بغياب الدعم الحكومي النفسي والمعنوي والمادي بحيث يدرك اللاعب أن المسؤول بجانبه دوما ومهتم بالحدث فليس للمدرب عصا سحرية ولا تهبط المهارات فجاة على اللاعبين وهذا لايكون الا بفرض هيبة الدولة ووطنية المسؤولين واعتبار هذا الأمر مهمة وطنية.
فلو قدر للاتحاد العراقي أن يتعاقد مع (زيدان، مورينيو، غوارديولا، فيرغسون) فما استطاعوا أن يصلوا بالمنتخب العراقي لكأس العالم فهؤلاء لايعملون بالسحر ولا بالمعجزات وإنما هم مدربون عاديون لهم خططهم وأفكارهم الناجحة يطبقها لاعبون متمتعين بالراحة النفسية وفي بحبوحة من العيش وخلفهم إدارة قوية تدعمهم في كل شيء .
لم يكن البرازيلي زيكو قاصرا في التدريب كان مدربا من الطراز الأول واستطاع أن يقارع أقوى المنتخبات الآسيوية وان يترك أثرا حميدا في نفوس اللاعبين ، في وقت لم يهتم به الاتحاد ولا المسؤولين وهو الذي كان له الفضل في رقي منتخب اليابان وظهوره آسيويا وعالميا.
فالحقيقة أيها الإعلاميون انتم تعرفونها جيدا فلا تكرروا هذا السؤال الذي أصبح مستهلكا ولااعرف هل هو حرصا منكم على مستقبل المنتخب ام الهدف هو التقسيط لأغراض سياسية .