حسين أحمد الإمارة
– بعد الانتهاء من الدوام في مدرستي الهاشمية، توجهت إلى البستان سيراً ، برفقة أصدقائي لغاية ساحة باب بغداد،بعدها تفرقنا كلُ إلى وجهته.
سرت وحيدا قاطعاً الطريق الترابي المار عبر محطة وقود باب الخان، المقابلة لمركز الشرطة، الواقع على كتف نهر الحسينية.
يحاذي المركز نهر صغير يتجه في جريانه جنوبا ليسقي بساتين محلة باب الخان.
توقفت عند الناظم الحديدي على النهر، الذي يتم التحكم من خلاله بفتح وقطع المياه عن النهر حسب جدول السقي الذي تتولا إدارته مديرية الزراعة لأجل تنظيم إرواء البساتين.
سمعت صوت خفق مرتفع في الماء، نظرت بإتجاه مصدره، فإذا هي سمكة كبيرة، تكافح من أجل البقاء على حياتها والخروج من بركة الماء الصغيرة التي حُشِرت فيها.
رميت الكتب على كتف النهر ونزلت لصيد السمكة.مسكتها وحضنتها على صدري خوفا من هروبها مني.
خرجت بصعوبة بسبب رخاوة كتف النهر وقوة المقاومة من السمكة.
نظرت إلى الأعلى وإذا بشرطي واقف بالقرب من مكان الحدث ينتظر الحصول عليها عند خروجي.
مد يده وبقوة سحبها مني عنوة ،دفعني للخلف أثناء مقاومتي له ،تبعته لاستردها ولكن بدون جدوى.
بدأت في البكاء وتناولت الكتب واتجهت مسرعا إلى البستان،
دفعت الباب لأصل إلى الساحة القريبة التي يجلس عليها الجميع (المكعاد) نظرت لي جدتي وقد أصابتها الدهشة عند مشاهدة حالي المزري، ملابس متسخة ملأت بالطين، تفوح منها رائحة السمك.
بصوت عالي…خاطبتني جدتي.
ولك شبيك، هذا منو مسوي بيك هيج يمعزه..؟؟
…بيبي هذا الشرطي أخذ مني السمجة إلي صدتها من نهر الحلة.
ولك يا شرطي…يا سمجة..اليوم اخبلك أنت والشرطي.
ارتدت عبائتها وسحبتني من يدي واتجهنا الى مركز الشرطة..
أحد المنتسبين كان واقفا عند باب المركز ويبدو أنه المدير ، يهز بعصاه.
خاطبته جدتي بصوت عالي.
شنو انتو متستحون تاخذون السمجة من هذا الطفل..
استغرب المدير من كلامها.
نادى أحد الشرطة مستفسرا عن الحادثة، فأجابه بالإيجاب .
ردت فعل قوية صدرت من المدير، فقد أمره بصوت عالي بإحضار السمكة وارجاعها لي. مع الرزالة العسكرية .
عدنا إلى البستان حاملا السمكة خاصتي والفرحة لم تغادرني، وكأني حصلت على كنز من كنوز الدنيا.
خلعت ملابسي المتسخة وارتديت دشداشتي المخططة (البازة ) .
استمرت الرزالة واللوم من جدتي، التزمت الصمت خوفاً من أن انال العقاب..عَدّْت على خير.
رحم الله من غادر الدنيا وحفظ الباقين بحفظه وعنايته.