تصاعدت حدة التحذيرات مؤخرًا من الشركات التي تعمل بنظام التسويق الشبكي في العراق، حيث وُجهت إليها اصابع الاتهام بـ”النصب والاحتيال”، فيما تباينت الآراء حيال ذلك.
وتحدث بعض من خاضوا التجربة مع هذه الشركات ، عن قصتهم منذ بداية دخولهم هذا العالم، إلى خرجهم منه، موضحين طريقة عمل تلك الشركات.
منتجات رديئة عصيّة على البيع
وقال حذيفه الجنابي إن “التسويق الشبكي يعتمد على أرباح مباشرة وأخرى غير مباشرة، إذ يجب على المشترك إقناع شخصين ليكونوا مندوبين للمنتج الذي يراد تسويقه، ويكون هو قائد هذا الفريق، وبالتالي ستكون أرباحه مباشرة منهم، وبعد فترة يتوجب على كل واحد من هؤلاء المشتركين الحصول على مشاركة من شخصين، فيكون للشخص الأول أرباح غير مباشرة من الأربعة الذين انضموا، وهكذا إلى أن تكبر الشجرة ويكون الأول في أعلاها”.
وأضاف، أن “الشركة التي اشتركت معها تقدم منتجات عديدة، ويأتي الشخص بداية ليشتري وكالة بأي منتج يريده، قلم أو ساعة أو جهاز هاتف أو سفرة سياحية، ومنتجات عديدة أخرى، بقيمة تبدأ من 700$ إلى 2500$، فيكون المنتج ملكه، يمكنه أن يبيعه ويسوقه، أو أن يبقيه لاستعماله الخاص، لكن خيار إعادة المال والانسحاب بعد التوقيع غير متوفر”، لافتًا إلى أنه” بعد التوقيع، تضطر لاقناع أصدقائك المقربين بالمنتج، أو من لهم ثقة بك، لتبدء بالربح، وإلا فإنك ستخسر أموالك”.
وبيّن أن ” أغلب المنتجات تعود لشركات غير معروفة في الخارج، وليست بذات الجودة المطلوبة، وتكون رديئة الصنع وعديمة الفائدة، فضلًا عن أن سعرها مرتفع بشكل كبير”.
رحلة الاقناع.. تهديدات وخسارة أصدقاء والثمار في الأعلى
بدوره قال أحد المشتركين الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إن “الشركة التي عملت معها تضم كل طبقات المجتمع، برلمانيين وأساتذة ومحامين، حيث شاهدت عددًا من المسؤولين في مؤتمر نظمته الشركة، وهو ما دفعني إلى العمل بصورة أكبر”.
وأشار خلال حديثه لـ”ناس” إلى أنه “بقي 4 أشهر دون تحقيق أرباح، لأنه لم يستطع إقناع أحد بالمنتج الذي لم يقتنع شخصياً به”، مبيناً أنه “استطاع إقناع صديق له بعد فترة، لكن الصديق تراجع بعد توقيع العقد وطالب بإعادة أمواله”.
ونوه إلى أنه “بعد 3 أيام أرسل صديقي شخصًا ليهددني بالقتل إذا لم أعد الاموال، فاتصلت بالشركة وأخبرتهم بالمشكلة، ودفع أحد رؤساء المجموعات من جيبه الخاص، واسترجع المنتجات منه”، مؤكدا: “لكنني بالمقابل خسرت صديقي”.
ولفت إلى أن “أحد أفراد الشركة الكبار في ديالى، ربح خلال أسبوع واحد مليون دولار”، موضحاً أنه “اكتشف أن الكبار فقط من يربح بهذه الشركة، أما أسفل الشجرة فيبقى دون ربح، لذلك قرر الانسحاب دون استرجاع أمواله”.
وعند سؤاله عن سبب تورطه بمجال ليس من اختصاصه، أكد أنه “كان محتاجاً لعمل، ومن اقنعنه بالموضوع كان صديقه الذي يثق به، فلم يتردد، وحين ذهب إلى الشركة أول مرة، وجد أشخاصًا كثيرين، فاستبعد أن يكون كلهم على خطأ”.
وتابع: “بعد الانسحاب، أصدر المجمع الفقهي العراقي فتوى بتحريم هذا العمل، فشاركت الخبر على حسابي في الفيسبوك، لكن أحد العاملين في الشركة طلب مني حذفه دون مشاكل”.
وبين أن “في أحد المرات، نشر أحد الذين تورطوا بالعمل في الشركة، مقطع فيديو أمام المبنى، يتهم فيه الشركة بالنصب والاحتيال، لكنه بعد يومين نشر مقطعاً أخر بدى شكله فيه خائفاً، وقال إنه سوء تفاهم، وإن الشركة جيدة”، مشددًا على أن “من يدخل إلى هذه الشركة سيفضل الخروج دون كلام أو اعتراض، لذلك رضيت بخسارتي وانسحبت بهدوء”.
شركات التسويق .. تجربة مريرة محفوفة بالمخاطر
أما الخبير الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني، فقد بين أن “تجربة تلك الشركات مريرة بالعراق، واعتبرها الناس مشاريع للنصب والاحتيال بسبب تزايد مشاكلها”.
وأكد خلال تصريحه لـ”ناس” أن “المستثمر الحقيقي الأول تلك الشركات غير معروف، أي أن الحجر الاساس الذي يأتي بأي منتج ويبيعه بسعر غال، هو غير موجود داخل الحدود، ولا يعرفه أحد، لذلك لا يستطيع أحد الشكوى عليه بشكل مباشر وأخذ حقه منه”.
وأوضح أن “هذا العمل محفوف بالمخاطر، ومن يخسر هم الذين يكونون في أسفل الشجرة، أما من هم فوقها فتكون أرباحهم محسومة، لكن لا أحد يعرف في أي لحظة سيخسرون”.
وشدد على أن “قبل عدة سنوات، شاع صيت هذه الشركات وجذبت الأرباح الهائلة، لكن بعد فترة ملئت المحاكم بقضاياهم، وكلها خسرت”.
مالفرق بين التسويق الشبكي والهرمي؟
من جانبه، قال سجاد عادل، وهو أحد العاملين باحدى هذه الشركات لـ”ناس”، إن “التسويق الشبكي يختلف عن التسويق الهرمي، والناس لا تستطيع التفريق بينهما، ولا يستطيعون الفهم مالم يعملوا بهذا المجال”، مؤكدًا أن “الفكرة الخاطئة عن عمل الشركة لا تضر بها”.
وأشار إلى أن “هناك عاملين أقل مني، لكنهم يربحون أكثر، ولا توجد أي خسارة لدينا، فان لم يربح فسيكون المنتج له شخصيًا”.
ولفت إلى أن “هناك بعض الشركات عملت بطريقة خاطئة، وهناك أيضاً بعض الاشخاص عملوا مع بعض الشركات المحترمة، وآخرين خاضوا غمار المنافسة مع شركات غير معروفة، لذلك حدثت حالات استغلال ونصب واحتيال، وبالتالي تشويه السمعة”.
ونوه إلى أن “بعض الشركات جاءت بمنتجات دون قيمة وباعتها بسعر غال، في حين أن شركات أخرى جاءت بمنتجات قيمتها أرخص من سعر السوق”.
وأوضح أنه “في البداية يأتي الشخص كزبون ليشتري المنتج، لغرض تفعيل الوكالة، وبعدها يبدأ تسويق المنتج، بآلية تكوين فريق من شخصين (مندوبين)، ليرتفع بعدها تدريجيا ويصبح في اعلى الشجرة كلما ازدادت المبيعات”.
وشدد على أنه “لا يوجد انسحاب من هذا العمل، ولا يمكن لأحد بعد توقيع العقد أن يتراجع ويطالب بأمواله، لأنه أخذ المنتج ويمكنه أن يبيعه بأي وقت يريد”.