قاسم حسن الموسوي
– المتتبع للسياسة التركية هذه الايام يصيبه العجب والدهشة والاستغراب وتبدو لنا تركيا وكأنها وحشا جريحا يزأر ويضرب كل من يكون امامه وبعيون ينطلق منها الشرر .
عاصرنا رؤساء اتراك مثل سليمان ديميريل وپولند اجاويد وتوركوت اوزال وعبد الله كول وغيرهم وكان زمن حكمهم هادئا نوعما والدولة تتعامل بدبلوماسية مع الاخرين وكانت ومازالت تحرص على الانضمام الى الاتحاد الاوربي لكن لم يتم قبول طلبها رغم انها عضوا في حلف النانو العسكري .
ومنذ تسلم التيار الديني الاخواني الحكم متمثلا بقائده نجم الدين اربكان وخلفه وتلميذه رجب طيب اردوغان الذي بدأ نجمه يلمع شيئا فشيئا الى ان استولى على سدة الرئاسة .
وقد تبنت تركيا حركة الاخوان المسلمين بتعاونها مع قطر وهذه الحركة انتجت لنا تنظيم القاعدة وداعش وغيرهما من الحركات الارهابية .
ثم بدات بالتدخل سياسيا وبصورة وقحة في مصر بعد الاطاحة بحسني مبارك من خلال دعم التنظيم الاخواني فيها لتصبح تركيا مقرا لاجتماعات هذه الحركة الدولية .
ولتركيا الدور البارز في عبور الارهابيين الى العراق مشاركة مع سوريا في بداية التغيير سنة 2003 ليدفع العراقيون اثمانا باهضة من الارواح والدماء من خلال التفجيرات الارهابية التي نعرفها جميعا ليتوج هذا التدخل بعبور داعش من خلالها الى الموصل تبعها عمليات تهريب كبيرة للنفط العراقي من خلال الشاحنات التي يرسلها داعش لهم .
وقد ازداد التدخل هذه الايام بدخول قوات برية داخل العمق العراقي لمسافة 40 كم بحجة مطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني التركي لتنتهي الاحوال باستشهاد ضابطين كبيرين وسائقهما بضربهم من خلال طائرة مسيرة وبدم بارد وبدون اعتذار رسمي وبالامس حادث مماثل في محافظة دهوك فأي استخفاف واية استهانة بالعراق الجريح الآن .
ان كانت حجتهم بانه على العراق ان يطرد حزب العمال من اراضيه فالعراق لم يستقبلهم بل هم عبروا الى اراضي وعرة يصعب وصول القوات العراقية اليها لاسباب عديدة وان اردنا ان نكيل بمكيال واحد فعلى العراق ان يقتص من تركيا لانها تدخلت تدخلا مباشرا في شؤونه كما اشرنا آنفا .
ثم التدخل الصارخ في الملف السوري ودورها في دخول التنظيمات الارهابية ورعايتها لها لتعيث فسادا في سوريا لتزيد من آلام الشعب السوري الشقيق .
وأخيرا وربما ليس آخرا تدخلها السافر في ليبيا البعيدة عنها جغرافيا لكن رائحة النفط النفاذة تقربها اليهم لتدعم تنظيمات ارهابية وانفصالية .
هذه الصورة العامة للسياسة الخارجية التركية والسؤال هل ان سلوكها هذا من تلقاء نفسها ام ماذا ؟
في اعتقادي ان الغرب وامريكا خصوصا تستخدمها كمخلب لها لنهش بعض الدول استعدادا لسيناريوهات عديدة فهم يسمحون لها بالتدخل في هذه الدول وغيرها على أمل ان تاخذ حصتها منها عند اكتمال فصول اللعبة والا ما هذه القوة الجبارة التي يسمح لها ان تسلك هذه السلوكيات وبدون احترام لاصول الجيرة واساسيات السياسة الدولية الخارجية .
اذن هم بيدق في رقعة الشطرنج الدولية ومايحاك من خطط شيطانية لا تخطر على بال البشر احيانا ولكنه حب المال والسيطرة يسمح لها بمعانقة الشيطان من اجلهما .