احمد نادي / مراسلنا في انگلترا
التنقيب وعلم الآثار عموما نشأ في أوربا بالقرن ال١٩، وهو ببساطة علم حفر وتنقيب مدن ومواقع تاريخية قديمة لدراسة حيثياتها ووضع مقاربات للتواريخ والأحداث والتعرف على أحوال الشعوب التي عاشت بهذه الحضارات، لارتباطها الوثيق بالنثروبوجي [ علم دراسة الإنسان].
وبما أن حضارة [بلاد مابين النهرين] وحضارة مصر كانتا من اشهر ما ورد في كتب التاريخ والروايات التي تناقلتها الأجيال عبر قصص أسطورية فضلا عن ورودها بالكتب المقدسة عند أهل الأديان في التوراة والإنجيل والقرآن. توجه تركيز وفضول أوائل المهتمين بعلم الأثار والتنقيب لهذه الرقع الجغرافية، تحديدا في [الشرق الأدنى] او ما يسمى الآن بالشرق الأوسط.
وبحسب موقع الويكيبيديا، فإن أوائل الحفريات جرت في العراق بمدينتي [نينوى و أور ] في الموصل والناصرية ثم بعدها توالت أعمال الحفر حتى يومنا.
وعلى الرغم من ضياع كثير من القطع والمقتنيات الأثرية بسبب عمليات السلب والنهب من قبل ما يطلق عليهم علماء الأثار [صائدي الجوائز او القبور] او ممن ليس لهم خبرة في التنقيب في تلك الفترة، إلا أن الحفريات الخاضعة لأسس التنقيب العلمية الصحيحة التي تشرف عليها جهات متخصصة وبعثات رسمية من قبل المتاحف في أوروبا وأمريكا استمرت وبمشاركة عراقية.
فبرز اسم المؤرخ وعالم الآثار [طه باقر] ومن قبله [هرمز الرسام] الذي لقب لاحقا كأول عالم آثار عراقي بعد اكتشافه لألواح مسمارية بمساعدة عالم آثار إنكليزي منتصف القرن ال١٩، وارسلت الى المتحف البريطاني ليتبين لاحقا بعد فك رموز اللوائح انها نصوص [ملحمة كلكامش] الشهيرة.
هذه الاكتشافات وغيرها في مصر والأناضول في تركيا وبلاد فارس في ايران، فتحت شهية الآثاريين، فبدأوا بتوسعة هذا التخصص وتطوير أساليب الحفر لضمان حفظ القطع الأثرية من التلف أو ضياع النسق الذي جاءت به. فوضعت قوانين تحمي حقوق الآثار من السرقة والمصادرة، فتأسس المتحف العراقي عام ١٩٢٦ .
في سنة ١٩٢٢ اجرية عملية تنقيب مهمة جدا بإدارة عالم الآثار البريطاني [ليونارد وولي] وبمساعدة [ماكس ملوان] الذي تزوج لاحقا من [أجاثا كريستي] الروائية الانكليزية المعروفة والذي من ضمن ما كتبت [جريمة قتل في بلاد الرافدين] وهي رواية بوليسية استلهمت قصتها من أعمال الحفريات خلال وجودها في العراق. ولعالم الأثار هذا مؤلفات كثيرة لأعمال الحفريات التي قادها في العراق، من أهمها اكتشافه [مقبرة أور الملكية] بالقرب من مدينة الناصرية والتي يقدر تاريخها بـ الألفية الثالثة قبل الميلاد، والتي اعتبرت لاحقا اكتشاف لا يقل أهمية عن اكتشاف [قبر الملك توت عنخ آمون] من نفس العام.
من ضمن القطع الأثرية التي وجدت في المقبرة بجانب الزقورة، كانت لعبة لوحية (اشبه بلعبة الطاولي) يقدر تاريخها الى ما قبل خمسة الآف سنة مارسها سكان بلاد الرافدين . سميت لاحقا [لعبة أور الملكية]. نقلت إلى المتحف البريطاني وضلت غامضة، لا يعرف احد قوانينها وكيفية استخدامها.
لحسن الحظ وبعد سنوات جاء شاب انكليزي متحمس اسمه Irving Finkel متخصص بالحضارات الشرق أوسطية، كان قد اتقن اللغة السومرية، يعمل الآن كأمين قسم الآثار الشرقية في المتحف البريطاني في لندن، وقام بفك طلاسم أحد الألواح المسمارية ليتبين له انها تشرح قواعد ممارسة اللعبة. والآن هي معروضة في المتحف.
في السنوات الأخيرة اخذت هذه اللعبة بالانتشار بين اوساط المهتمين باللعاب، وبدأ المتحف يصنع نسخ طبق الاصل منها مع كتالوج كيفية الاستخدام ونبذة تاريخية عنها. وتباع في متجر المتحف بسعر 99 جنيه استرليني اي ما يعادل قرابة ١٢٤ دولار .
وهي متوفرة ايضا مجانا بلغات مختلفة في [متجر كوكل] بأسم The Royal Game of Ur.