قاسم حسن الموسوي
الحسين ثورة والحسين احتجاج والحسين وقفة ضد الظلم والجبروت والحسين تضحية لأجل هدف واضح ناصع البياض وهو اعلاء كلمة الحق ورفض القهر والباطل . هذه المفاهيم والاعتبارات يجب ان تؤخذ بنظر اعتبار كل من يريد ان يحتفل بذكرى استشهاده عليه السلام وان يضعها في حساباته ، نعم هو واهله واصحابه قتلوا مظلومين وغدر بهم وعانوا من قسوة وخسة خصومهم ومن قلة العدد والنصير لكنهم لم يسلكوا طريق الخنوع والاستسلام بل اتخذوا سبيل الثبات والبطولة جادة لهم ليخلدوا بهذا الاختيار الشجاع والبطولي الى يوم يبعثون . بعد أيام قلائل ستحل ذكرى واقعة الطف الأليمة والحزينة بكل فصولها ونحن نمر بظرف استثنائي يحتم علينا عدم التجمع لأي سبب كان الا وهو وباء كورونا المستشري هذه الايام بين العراقيين بسبب عدم التزام الكثيرين بقواعد الوقاية واهمها عدم التقارب الاجتماعي . وهناك من يصر على اقامة الطقوس والشعائر الحسينية المعتادة هذه السنة ومراسيم زيارة المرقدين الشريفين للامام الحسين وابا الفضل العباس عليهما السلام رغم المخاطر الجسيمة وتحذيرات المختصين وغيرهم من مغبة هذا السلوك الذي يمكننا تاجيله الى السنة القادمة و حين زوال هذا الوباء اللعين . وكما اعتدنا في كل السنوات السابقة التركيز على الجانب المأساوي والمحزن والمبكي في قضية الامام الحسين واهملنا كثير من الجوانب الاخرى مثلا هو لماذا جاء الى كربلاء بعد رفضه مبايعة يزيد فقد كان بامكانه النجاة هو وعائلته بالذهاب الى اليمن كما اشار عليه ابن عباس لكنه رفض ذلك فهو لم يطلب السلامة لنفسه بل كان يريد خلاص الامة من كل عبث وظلم وجور من خلال مجيئه للعراق والقيام بثورة اصلاحية في كل مفاصل الحياة وازالة كل مظاهر الظلم والطغيان وانصاف الفقراء المظلومين فهل نحن على هذا الدرب سائرون ولماذا نركز على طقوس الحزن والبكاء ونتناسى اهداف واسباب الثورة الحسينية العميقة التي كانت يجب ان تكون لنا عنوانا ونبراسا في اصلاح حالنا المأساوي الذي نعيشه فالبلد محطم ومدمر ومكبل بكل انواع قيود الفساد والظلم ونحن ( طبعا ليس الكل ) بموضع المتفرج . اذن ماذا اخذنا من الحسين ولماذا ندعي انه رمزنا فهل هو رمزنا في البكاء والعويل الجواب لا لانه لم يجزع من استشهاد والده الامام علي عليه السلام ولم يجزع كذلك من استشهاد اخيه الامام الحسن عليه السلام ولم يقض العمر يبكي عليهما بل شمر عن ساعديه وصرخ صرخته المدوية حين قال ( لم اخرج اشرا ولابطرا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ) وحين رأى الظلم رفض مهادنته واشهر السيف بوجهه ولم يركن الى البكاء والخنوع . وازاء ما تقدم لماذا يكون تركيز البعض على اداء هذه الطقوس الآن ونحن نمر بظرف حرج جدا مرضا وجوعا وعوزا وبامكاننا ضرب عصفورين بحجر واحد ان سلكنا الطريق الصحيح وذلك بعدم اقامة شعائر عاشوراء بكل انواعها هذه السنة حفاظا على ارواح الناس وصحتها وتخصيص المبالغ المرصودة لها وتوزيعها على العوائل الفقيرة والمحتاجة وما اكثرها هذه الايام سواء كانت مبالغ نقدية اوعينية لحراجة الموقف الاقتصادي وتوقف الاعمال عموما وضعف الحركة النقدية في البلد .