مقالات

شواهد عن اهداف التواجد الامريكي في العراق

د . جواد الهنداوي
ينفرد التواجد الامريكي في العراق مقارنة باي تواجد دولي او إقليمي اخر بطبيعتهِ و بحجمهِ ؛
من حيث طبيعته فهو تواجد دبلوماسي و سياسي و عسكري .فالسفارة الامريكية في بغداد بحجم قاعدة عسكرية مساحةً و تجهيزاً وعديداً ، ولاصدقاءنا الأمريكيين قواعدهم العسكرية ، التي بعلم الدولة ، و تلك التي بعلم الباري عزّ وجلْ .
سياسياً ،لهم حضورهم الرسمي مع الدولة وبواسطة القنوات الدبلوماسية ، وحضورهم غير الرسمي مع الاحزاب و الشخصيات وبفضل العلاقات العامة و ” الانفتاح الديمقراطي ” ، شأنهم شأن الآخرين من القوى الإقليمية في الحضور السياسي .
مِنْ المُفيد الاشارة بأنَّ بعض الدول الكبرى تتحاشى اقامة علاقة مع احزاب سياسية في دولة اخرى ، حيث يَرَوْن في ذلك تدخل سافر في شؤون الدولة الاخرى ، أتذكّر حديث لي مع السفير الفرنسي في بغداد ،حينها كُنتُ سفيراً في ديوان الوزارة ،عام ٢٠٠٨ ، عن علاقتهم او عن اتصالاته مع الاحزاب العراقية ،أجابني بانه يتجنب و يتحاشي الاتصال او اقامة علاقة بتوجيه من وزارته ،حيث ،كما قال لي ، بأنَّ مثل هذه الاتصالات والعلاقات نحسبّها تدخل في الشؤون الداخلية للبلد ودستورنا الفرنسي لا يسمح بذلك.
إمّا عن حجم التواجد الامريكي ،فهو تواجد مباشر بقواعد عسكرية أمريكية او بالألف من الجنود الأمريكيين ، و أخر غير مباشر ، من خلال قوات التحالف الدولي التي تحارب داعش ، وهي قوات بقيادة و إمرة الأمريكيين .
ماهي اهداف هذا التواجد ؟ ( و اقصد التواجد العسكري المباشر ) .
هدفيّن لهذا التواجد : الاول هو مراقبة و تهديد ايران ،لستُ انا القائل ، وانما هو قول الرئيس ترامب في حديثه بداية شهر شباط لعام ٢٠١٩ ، بمقابلة ،بثتهاّ محطة سي بي اس . و قد رّدَ رئيس جمهورية العراق ،الدكتور برهم صالح على تصريح الرئيس ترامب ،قائلاً بان وجود القوات الامريكية في العراق هو بموجب اتفاقية ولمكافحة الارهاب .
تصريح الرئيس ترامب قوبِلَ في العراق ، سياسياً و برلمانياً ، باستنكار ، و ارادة برلمانية للمطالبة برحيل القوات الامريكية .
الغريب هو تصريح البعض بأنَّ العراق بحاجة الى هذه القوات لتدريب القوات الأمنية العراقية !
الرئيس الامريكي هو بذاته صّرحَ و قالَ بان قواته في العراق هي لمراقبة وتهديد ايران ،لان ايران ،حسب قول ترامب ، هي المشكلة الحقيقية في المنطقة !
البعض بجهل او بعلم وتعمّد لا يمّيز بين القوات الامريكية المتواجدة في العراق لأغراض سياسية استراتيجية تّهم المنطقة و قوات التحالف الدولي لمكافحة داعش و خبراء و مستشاري الناتو لتدريب القوات الأمنية العراقية و زيادة قدراتها .
ليس فقط ما صّرحَ به الرئيس الامريكي ، بشأن قواته في العراق ، شاهداً على اهداف هذا التواجد ، وانما ما فعله الرئيس ترامب بقرار انسحاب قواته من سوريا نحو قاعدة عين الاسد في العراق هو شاهد اخر على استراتيجية هدف بقاء قواته في العراق .
الهدف الثاني لهذا التواجد هو دعم اسرائيل وضمان “ليس أمنها ” و انما هيمنتها في المنطقة . لا تهديد في المنطقة لأمن اسرائيل ، وانما تهديد في المنطقة لهيمنة اسرائيل ؛ تُركيا و ايران كلاهما ، قوتّان تهددان هيمنة اسرائيل في المنطقة .
هذا هو سّرْ تواجد و بقاء القوات الامريكية في المنطقة . بقاءهم ليس لمحاربة داعش و لا لتدريب القوات العراقية ولا لمصلحةالعراق و انما لمصلحة اسرائيل ومراقبة وتهديد ايران ، وهذا ما قاله الرئيس ترامب ، و أصفهُ بانه ” يقول كل الذي لا ينبغي أن يقوله ” .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى