بغداد ـ عمر الحديثي
بيَّنت لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب ان تطبيق تقنية الاستمطار الصناعي سيقلل من تأثير التغيرات المناخية في البلد، فيما حددت اللجنة المختصة في مكتب رئيس الوزراء 4 فوائد لاستخدامها وبأقل الكلف.
وقالت النائب الاول لرئيس اللجنة زوزان كوجر، ان تطبيق هذه التقنية ليس حلا لمشكلة ازمة المياه التي يعاني منها البلد، مما يجعلنا ان نفكر بشكل جدي الى زيادة البحوث في الجامعات التي تعنى بهذه التقنية.
واضافت ان تقنية الاستمطار الصناعي تحتاج الى تحتاج الى خطوات صحيحة لتحقيق الاهداف واستثمار هذه التقنية من اجل تقليل تأثير التغيرات المناخية، وخصوصاً المناطق التي تأثر بشكل سلبي بهذه الظواهر.
وبينت كوجر انه بالامكان ان تكون التقنية بشكل خفيفي في بعض المناطق الصغيرة التي تعاني من الجفاف والتصحر والظروف الحرجة، دون المساحات الواسعة بالمنطقة، مشيرةً الى ان كلفة هذا المشروع ستكون باهظة على الحكومة.
وتابعت ان هذه التقنية تحتاج الى ظروف مناخية معينة كتوفر نسبة عالية من الرطوبة وغيرها من العوامل الاخرى التي تساعد على انجاحها في مناطق معينة، منوهةً الى ان هذه التجربة كان قد استخدمها العراق في تسعينيات القرن الماضي واسهمت في تحسين الاحوال الجوية والمناخ في مناطق معينة وتقليل موجات الغبار وتخفيض درجات الحرارة، ولكنها لن تسهم في حل مشكلة نقص المياه في البلد.
واوضحت انه يمكن الاستفادة من خبرات الدول التي استخدمت هذه التقنية وماهي الطرق التي استخدمتها في استخدام هذه التقنية.
من جانبه قال عضو لجنة الاستمطار الصناعي في مكتب رئيس الوزراء الدكتور حيدر محمد عبد الحميد الخبير في مجال الهندسة البيئية لـ”الرأي العام العراقي” ان اللجنة وصلت الى نهاية اعمالها وهي تدرس في الوقت الحالي التقارير التي جهزت من قبل هيأة الانواء الجوية وتحليل النتائج وتهيأة المناطق والظروف الجوية الملائمة او الفترات الزمنية لتكون الغيوم الركامية والتي تساعد على انجاح مشروع الاستمطار الصناعي.
واضاف انه لا توجد دراسة فنية هندسية محددة تثبت ان الاستمطار الصناعي ذو كلفة عالية جدا، مستدركاً ان كلفة هذا المشروع بالطرق القديمة وهي حقن الغيوم بالاملاح قد تكون مكلفة ولكن جميع هذه الاموال لا تساوي كلفة انتاج الماء بصورة طبيعية.
وضرب عبد الحميد المثل بدول الخليج التي تعتمد على مياه البحر ومنظومات ووحدات التحلية، إذ تبلغ كلفة انتاج المتر المكعب الواحد في الامرات 60 سنت وفي الكويت دولار واحد والسعودية 48 سنت، بينما كلفة انتاج المتر المكعب الواحد من الاستمطار الصناعي بالطريقة “الايونية” اعتماداً على الطاقة الشمسية تكلف بحدود 20 ـ 25 سنت.
وتابع ان الفلاحين قد يكونوا هم الجهة المستفيدة من زيادة الحصاد المطري لكن الاساس هو زيادة المخزونات المائية في السدود والنواظم لتكون لدينا الوفرة المائية الجاهزة والجيدة والتي يخدم جزء منها الفلاحين والمزارعين بصورة مباشرة، ولا يوجد ضرر من ان تكون هذه العملية في المناطق الزراعية والتي تحتاج الى ارواء في مواسم معينة من السنة والتي تحدد حسب الظروف الجوية والمناخية وتشكل الغيوم وحسب المساحات التي تحتاج الى الري.
واوضح ان تحديد موعد لإجراء الاستمطار الصناعي هو موضوع يخص اللجنة المشكلة في مكتب رئيس الوزراء والتي لم تصدر عنها حتى الان اجراءات ادارية وفنية وهندسية، منوهاً انها قد تحتاج الى جلب بعض الاجهزة او الفنيين او الخبراء بهذا الخصوص او التعاقد مع شركات مختصة بهذا المجال.
وبشأن فوائد تقنية الاستمطار الصناعي اكد خبير الهندسة البيئية ان اولها زيادة الوفرة والخزين المائي بطريقة غير تقليدية مما يؤدي الى ان يكون هنالك نوع من المرونة المائية للتعامل مع الجفاف الذي يمر به البلد، والتقليل من اثار التغيرات المناخية وتخفيض درجات الحرارة بمعدل 4 ـ 5 درجات مما يؤثر ايجابياً على صحة المواطن وحالته النفسية، والتقليل من العواصف غبارية وشدة الاشعاع الشمسي، فضلاً عن زيادة الاخضرار والمساحات الخضراء في المناطق المفتوحة.
من جانبه قال رئيس مؤسسة حقب للاغاثة والتنمية المستدامة حيدر رشاد الربيعي ان العراق ارتأى احياء مبادرة الاستمطار الصناعي بسبب المشاكل التي تواجه البيئة.
وقال الربيعي لـ”الرأي العام العراقي” ان هذه التجربة مورست في تسعينيات القرن الماضي على محافظات كركوك ونينوى ولم يكتب لها النجاح في حينها، مشيراً الى ان العراق ارتأى اعادة هذه التجربة بسبب الجفاف والتصحر والعواصف الترابية والرملية والتغييرات المناخية التي اصابته.
وبين ان حراكاً جرى من قبل هيأة المستشارين في الامانة العامة لمجلس الوزراء حول هذا الموضوع، وارسلت وفود للاطلاع على تجارب دزل قريبة من الراق واجواءه كالسعودية وعمان والمغرب والاردن والامارات.
وتابع الربيعي ان هنالك طريقتان يمكن استخدامهما للاستمطار الصناعي الاولى “تلقيح السحب” بمادة “يوديد الفضة” كما فعلت المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، ومثل هذه العملية لا يمكن ان تنجح في العراق كونها تحتاج الى معدلات رطوبة جوية تصل الى 40 بالمئة ومثل هذه النسبة لا تتوفر في العراق، اما الثانية فهي تقنية “التأين” التي تعتمد على شحن الغبار لجذب البخار باستخدام ثاني اوكسيد الكاربون المجمد، وتحتاج رطوبة جوية تصل الى 20 بالمئة وهذه يمكن ان تلائم الاجواء العراقية.
واوضح ان التجربة في حال نجاحها يمكن ان تستثمر السحب التي تمر في العراق، واستثمار المياه في المناطق التي تسقط فيها الامطار الصناعية، وتوفير كميات مياه اعلى من المعدل، منوهاً الى ان العراق تأخر كثيراً في استخدام هذه التقنية التي كان يجب ان تكون حلا لمشكلة الجفاف ونقص المياه التي تفاقمت بالوقت الحالي عندما كانت الموازنات الانفجارية للبلد وملايين الدولارات كانت تصرف على مشاريع عبثية وغير مجدية.
تم إنتاج هذا التقرير بدعم Social Justice Fund ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr (فرع العراق).