مقالات

المرأة: نورٌ يُستضاء به وعِمادُ المجتمع

 

د.ابتهال سعد القيسي 

في كل عام، يحتفل العالم بيوم المرأة، تقديرًا لدورها المحوري في بناء المجتمعات وصناعة الأجيال. لكن، هل تحتاج المرأة إلى يوم واحد للاحتفاء بها، وهي التي تمثل نصف المجتمع وتربي النصف الآخر؟ إن قيمتها في الإسلام أعظم وأشمل من أن تُحصر في مناسبة واحدة، بل إن القرآن الكريم ذاته قد كرمها في مواضع عديدة، وضرب بها الأمثال للعالمين.

 

المرأة في القرآن: تكريمٌ وتشريف

 

القرآن الكريم لم يكن مجرد كتاب تشريعٍ للمرأة، بل كان كتاب تكريم لها، فقد جعلها نموذجًا يُحتذى به في الصبر، والعفة، والحكمة، والإيمان. يقول الله تعالى في شأن مريم عليها السلام:

 

“وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” (آل عمران: 42).

 

وهذا الاصطفاء لم يكن مجرد تكريم، بل شهادة على قدرة المرأة على بلوغ أعلى درجات الطهارة والعبادة والصبر، وهو ما يعكس رسالة الإسلام في تمكين المرأة وإعلاء شأنها.

 

المرأة بين الحنان والحكمة: أمثلة قرآنية

 

القرآن لم يكتفِ بتكريم المرأة، بل جعلها مثالًا للقيادة الحكيمة، كما في قصة ملكة سبأ التي ضرب الله بها مثلًا للحكمة والرأي السديد:

 

“قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ” (النمل: 32).

 

وهذا نموذج يحتذى به في الإدارة والتشاور، حيث لم تكن مستبدة برأيها، بل استشارت قومها، فأظهرت نضجًا وحكمة تفوقت بها على كثير من القادة.

 

أما في مجال الأمومة والرحمة، فقد ورد في قصة أم موسى التي أوحى الله إليها أن تلقي ابنها في اليم، فقال سبحانه:

 

“وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي” (القصص: 7).

 

إنه مشهد يجسد مدى قوة المرأة عندما تستند إلى إيمانها بالله، فهي برغم الألم والخوف، أطاعت أمر الله، فكان لها الأثر العظيم في إنقاذ نبي من أنبياء الله.

 

المرأة ليست نصف المجتمع فقط!

 

المرأة ليست مجرد نصف المجتمع عددًا، بل هي صانعة الأجيال، وهي التي تغرس القيم والأخلاق في النفوس. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم مكانتها حين قال: “استوصوا بالنساء خيرًا”.

 

فلا ينبغي أن يكون الاحتفاء بالمرأة مقتصرًا على يومٍ في العام، بل ينبغي أن يكون إكرامها وتمكينها أسلوب حياة، تمامًا كما كرّمها الإسلام على مدار العصور.

 

وختامًا، لنحتفل بالمرأة كل يوم، بتقدير دورها، ودعم طموحها، وتعزيز مكانتها في المجتمع، فكما قال الله تعالى:

“مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً” (النحل: 97).

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى