طارق الطرفي
أبان حكم العراق من قبل البعث المجرم، وتسلطه على مقدرات البلاد والعباد، وسطوته على جميع مؤسسات الدولة، كان إلزاماً على الجميع أن يضعوا صورة قائد الحزب في الشوراع والساحات العامة، وفي داخل البنايات الحكومية، لإثبات الولاء له، في حالة تعكس الهيمنة على تلك المؤسسات، وكأنها تابعة للحزب وللشخص وليس للدولة وبالتالي للمواطن، هذه الحالة كانت تجسد عقلية القائد الأوحد المهووس بالسلطة والرئاسة، والتي حكمت لأكثر من ثلاثة عقود وأوصلت البلاد إلى الدمار، ولعل تلك العقلية تورثت في العراق كثيراً، إذ أصبحنا نشهد ممارسات لا تختلف عن ما كانت عليه سابقاً، لا سيما لدى بعض من جاءت بهم الصدفة وتعكزوا على الإعلام المأجور، وتصدروا للمسؤوليات الحكومية العليا، فعقلية القائد الأوحد وصوره وشعار حزبه، رجعت بهيمنتها على مؤسسة الدولة، وفي أداء شخوصها الذين صاروا لا يعون الصفة الرسمية التي يُفترض أن يمثلوها، وجل تحركاتهم وأعمالهم ألبسوها إسم الحزب وشعاراته، وكأن الأرض ومن عليها تابعة لحزبهم ولقائدهم فقط، المشاريع التي تنشأ بأموال المواطن يُكتب عليها إسم القائد و(برعايته) وكأنها من ماله الخاص، الألوان والعلامات بلون الحزب وليس غيره، من إنتخبهم المواطن ليكونوا رقابيين على الإدارة التنفيذية، نراهم يركضون خلف القائد في كل موقع ومحفل، وكأنهم موظفين تحت يده ولا كيان لهم إلا به، مقررات إجتماعاتهم (فقط التي يريدوها أن تظهر) تتبلور إلى تصريحات إعلامية تنشر ضمن إطار وعلامة ولون الحزب، وليس إسم وعلامة المؤسسة الرسمية، والعجيب بالأمر أنهم يتحدثون بالقانون وهم يخالفوه بشكل صارخ، مستغلين جهل الناس ومن يسيل لعابهم على الأموال والقرب من المسؤول.
أيها الراكضون.. نعم، القانون يتيح أن تكوّنوا حزباً وتدخلوا مضمار العمل الحكومي، عن طريق العملية الديمقراطية، لكن.. إنتبهوا ولا تنسوا أنفسكم، فأنتم اليوم تضربون المؤسسة الرسمية، وأصبحتم تجيرون كل شيء لخدمة الحزب والقائد، كسباً لرضاه ورغبة في عطاياه التي (مصدرها الرئيس) المال العام، ومن لا يقول أمامكم ذلك القول، فهو منافق ووصولي ونفعي.