مقالات

من يطفئ السراج؟… ومن ينيره؟.. عن الباهرون أتحدث.

 

سعد رزاق الاعرجي

في مساء يوم جميل، قررت وبدعوة كريمة من فنان مبدع، ان احضر عرضا مسرحيا على قاعة قصر الثقافة والفنون في كربلاء. وما ان دخلت حتى أدركت باني في عالم أخر غير الذي اعيش، فالستارة الحمراء التي امامي لم تفتح بعد… والكراسي الزرقاء ممتلئة… ووجوه الحضور مستبشرة.. وفريق الاعداد جاهز على يمين المسرح،، واذا بأرجلي تأخذني عنوة نحو الخشبة ومن وراء الكواليس.. وكأنني انا البطل الأوحد في مسرحية أجهل اسمها ولا اعرف مؤلفها ولا حتى من سيخرجها،، فلبست دور البطل وبدأت استحضر ما سأقول.. وانا كذلك،، واذا بالستارة الحمراء تفتح، وتنطفئ الاضواء فسادت العتمة.. ثمة صوت يناديني هيا… ابدا… لامجال للانسحاب فقد أصبحت وجها لوجه مع الجمهور.. فشددت من ازري وبدأت احكي… لكن صوتي لايصل الجمهور ماهذا يامهندس الصوت؟ وكذلك لا أحد يراني فيتفاعل معي. وكأن المسرح قد انشق نصفين.. فكان الجمهور مشدودا لما يعرض ويتفاعل فيصفق لبداعة الأداء والمحتوى..

لقد انقذني الجمهور فعلا… فخجلت فركنت جانبا لأصبح واحدا من الجمهور وتراني أعود لمقعدي واذا بقلمي أجده بين اناملي وثمة ورقة بيضاء بيدي الشمال،، حتى إذا ما افقت بدأت ادون ما أشاهد وما احس كأي متلقي.. فكتبت….

ان المسرح العراقي بخير.. وانه لايموت بالرغم من الطعنات التي توجه اليه بقصد او بدون… وان مرض فان الترياق بيده فيتعافى. وان الذي اثلج قلبي والحاضرين ان العرض المسرحي جسده اثنين من الفنانين المكفوفين.. رجل وسيدة اجادوا بالاداء واتقنوا الوصف والتعبير لتصل إلينا الفكرة بسلاسة. ولكوني قد اندمجت مع ما يقدم من عرض شيق،، نسيت ان من يؤدي الأدوار هم من الذين اخذ الله بحكمته البالغة لانعلمها نحن، نور عيونهم، ليمنحهم نور القلوب وكذلك هذه الموهبة العظيمة لينيروا بها هذا الفن.

ان هذه الفرقة لجديرة بالاحترام والاهتمام، ويجب أن ترعى وتثمن جهودها من أعلى المستويات في الدولة وان هذه المسرحية يجب أن تعرض في جميع المحافظات وبالذات على المسرح الوطني.

ثمة فن هابط اخذ صداه في الفترة الأخيرة وتفاعل معه الجمهور والذي كان الهدف من وراءه هو الربح المادي، لكنه لم يدوم، لان الشمس لن تحجب بغربال.. فمهما بلغ الفن الهابط صداه فانطلق سريعا كالصاروخ، لكنه هبط اسرع. وان من يحاول ان يطفئ السراج فأن هناك من ينيره!!! لقد اجادت فرقة باهرون باخراج هذا العرض الارتجالي وتستحق كل الحب والثناء.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى