اخبار عالمية

من اين جاءت قوة “الترند”

جليل عامر

كثيراً ما نرى ونسمع ونشاهد عن أخبار تصبح رائجة في الشارع عبر مواقع التواصل الأجتماعي وتكون متداولة بشكل واسع سابقًا كانت تُعرف ب “حديث الساعة” اما في الوقت الحالي تسمى “ترند” اي رائج على وسائل العالم الأفتراضي ، طُرح السؤال على بعض الأصدقاء فكانت الإجابات متنوعة لكنها متشابها فبعضهم من قال “كان الترند كفيل بتحفيزي على البحث والاطلاع أكثر على اي موضوع يصبح رائج لكي اصبح مُلم بهذا الموضوع والآخر وصفهُ بمجرد فضول لا أكثر ومن قال “جعلني الترند ان اهتم واشارك وأُعلق على مواضيع لم أكُن ذو معرفة بها ولا تثير اهتمامي مثل آخر حدث أصبح متداول هو حدث كأس العالم فعلى الرغم من عدم اهتمام الكثير بكرة القدم لكنهم يشاركون بتعليقاتهم وتشجيعهم ، فمن المرجح ان تتساءل باستمرار عن سرّ قوة الترند وتأثيرها على الأفراد. كيف يحدث ذلك؟ كيف تخور مقاومتنا أمام قوة هذه الاتجاهات على مواقع التواصل التفاعلية؟ وما هي سلبيات “ثقافة الترند” يأتي إن كان على شكل “تحدّيات” على تيك توك أو كحدث يفرض نفسه مولّداً موضوع نقاش موحّد يشغل المستخدمين حول العالم أو في منطقة معينة، في صلب ثقافة جذب الانتباه. هذا الاتجاه الذي يتبنّاه الآلاف، وأحياناً الملايين، يساعد الخوارزميات على التعرّف إلى تفضيلاتنا (وأحياناً على خلقها) وبالتالي إدارة الإعلانات وتوجيهها بشكل شخصي يضمن إدامة استهلاكنا. “إذا كنتَ لا تدفع مقابل منتجِ ما، فذلك على الأرجح لأنك أنت هو المنتج” اي بالتالي يدخل “الترند” حتى في عالم التسويق . هذه الجملة أصبحت مفتاحيةً لفهم طبيعة العلاقات الاقتصادية التي ولّدتها وسائط الإعلام الجديد. هكذا، عبر لفت انتباهنا إلى محتواها، تقوم هذه المواقع والتطبيقات “ببيعنا” إلى المعلنين. فيسبوك وإنستغرام على سبيل المثال، هما ببساطة منصّتان إعلانيتان تنتزعان الأموال من انتباه المستخدمين ووقتهم. يمثّل الترند، في هذا السياق، وقود الانتباه. هو العجلة التي تبقيك شاخصاً لأطول وقت ممكن إلى الصفحة الرئيسية ومنجذباً إليها. مهما كان الحدث عظيماً، لو كان انفجاراً دمّر نصف مدينة أو رجلا ذبح امرأةً على مدخل الجامعة، كل ذلك سيذهب طيّ النسيان بعد أيامٍ قليلة من انتهاء الحدث. الوتيرة السريعة في الانخراط بالترند، السرعة في الانتباه والاهتمام والشعور والتعليق والتفكير والبحث، المحدودة كلها بين مهلتين (بين موعد وقوع الحدث وبين وقوع حدث آخر يثير الانتباه ويجذب الاهتمام)، هذه السرعة المهولة تفضي غالباً إلى النسيان. على الرغم من شعورنا بسلبيات ثقافة الترند وانتقادنا أحياناً للسيل الجارف الذي تمثله المشاركات المكثفة في موضوع أو قضية واحدة، إلا أننا في الكثير من الأحيان نجد صعوبةً في ثني أنفسنا عن التأثر بهذا التيار. مثلما نقلق من أن يفوتنا اقتناص فرصة ما، أو المشاركة في حفلة مع أصدقاء، نقلق من أن نفوّت كل ما هو جديد، وإن كان عبر مجرد التعليق عليه. والرغبة في الحضور، في الوجود “الآن وهنا”، حتى ولو افتراضياً، هي في جوهرها قد تكون نابعة من الخوف من الموت، وإن كان “الموت الرمزي” باختفائنا من الفضاء العام.

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى