تقارير وتحقيقات

تحديات الزراعة في العراق.. وفلاحون يرون قصصهم

اخلاص قحطان

في ظل شحة المياه واتساع رقع التصحر في البلاد باتت الزراعة في العراق اشبه بالمعجزة الممكن تحقيقها لاسيما مع تأثيرات التغير المناخي فان الجفاف الذي يعانيه العراق، من جراء قطع ايران روافد نهر دجلة وتقليل تركيا التدفقات المائية نحو العراق بنهر الفرات، وضع البلاد امام ازمة جفاف غير مسبوقة ادت الى تقلص المساحات الزراعية الى النصف وحرمان الكثير من المحافظات من الزراعة بشكل كامل.

ويعد العراق من اكثر الدول عرضة الى التغييرات المناخية في ظل ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز 50 درجة مئوية في فصل الصيف، حيث اصدر البنك الدولي تحذيرا من انخفاض بنسبة 20% في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 سببها التغير المناخي.

 

شحة المياه

 

ازمة المياه بالعراق ليست وليدة اللحظة وانما مشكلة ازلية تراكمت على مدى السنوات الماضية حتى اصبحت ظاهرة تؤثر بشكل كبير على الزراعة بالاخص بعد تناقص خزين المياه بشكل واضح.

وفي هذا الجانب اكد مستشار وزارة الموارد المائية العراقية عون ذياب ان “سنة 2022 شهدت جفاف حاد بسبب عدم هطول الامطار بشكل كافي”، فيما اشار الى ان “الجفاف ضرب ايضا البلد المجاورة للعراق والتي يعدان منبع دجلة والفرات”.

واضاف ذياب ان “العراق يعاني من ازمة المياه من جانبان، الاول منه ان جميع مصادر تغذية الانهار من خارج الحدود وهذا الامر يتأثر بسياسية الدول المجاورة”.

 

وبين ان “الاتجاه الثاني يتعلق المتغيرات المناخية التي تحدث في المنطقة، خصوصا ان العراق مصنف كواحد من بين خمسة دول تتأثر بالتغيرات المناخية”.

من جهته اوضح وزير البيئة جاسم الفلاحي ان “تحدي التغيير المناخي وتأثيراته السلبية على العراق واضح للعيان حيث اكدت تقارير الامم المتحدة ان العراق واحد من اكثر خمسة بلدان في العالم تأثيرا”.

واضاف ان “البلاد تتعرض لقلة غير مسبوقة بمعدلات التساقط المطري وفي الايرادات المائية وان العراق يعد من دول المصب وليس المنبع وقلة التدفقات المائية تؤثر وتتسبب بزيادة معدلات التصحر وقلة الاراضي الخصبة”، مؤكدا ان “العراق يفقد سنويا 100 الف دونم جراء مشكلة التصحر والزحف الصحراوي والاخطر من ذلك تصاعد وتيرة الكثبان الرملية في مناطق خصبة وواعدة في عملية الزراعة”.

 

إهمال قطاع الزراعة وتأثيره على الاقتصاد

 

الواقع الزراعي في العراق دخل في متاهات ضيقة بسبب الظروف المعقدة التي مر بها العراق مما جعلته في زاوية الاهمال والنسيان على اثرها تحول العراق من بلد زراعي الى مستورد لجميع المنتجات الزراعية.

بدوره اكد الباحث الاقتصادي محمود الشمري ان “ازمة المياه وتحكم دول الجواد بالكمية التي تزود العراق بها تركت تداعيات سلبية من الناحية الاقتصادية والزراعية التي تسببت بخسائر تقدر بمليارات الدولارات، بالاضافة الى زيادة نسبة البطالة بين صفوف الفلاحين والمزارعين الامر الذي اثر سلبيا على الامن الغذائي للعراق”، مؤكدا ان “العراق يواجه خطر جفاف غير مسبوق هذه السنة بسبب قلة منسوب مياه الانهر الواردة من ايران وتركيا بالاضافة الى انه مهدد بالتصحر بحلول عام 2040 لعدم اطلاق حصة مياه كافية من الدول المجاورة”. 

 

وعند توجيه السؤال الى اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق عن دورهم في انعاش القطاع الزراعي وتوفير احتياجات الفلاحين، اكد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حسن التميمي ان “هنالك مشكلة تواجهنا على مدى تعاقب الحكومات الا وهي عدم صرف المستحقات المالية للفلاحين، الامر الذي يؤثر سلبا على القطاع الزراعي خصوصا ان دعم السماد الان اصبح شبه معدوم في الوقت الحالي”.

واضاف ان “سماد اليوريا مفقود في مخازن التجهيزات الزراعية، الامر الذي ادى الى ارتفاع الاسعار بشكل عام”.

 

فلاحون يتركون اراضيهم ويمتهنون مهن اخرى

يعاني العراق من أزمة مياه كبيرة أدت إلى جفاف مساحات زراعية واسعة في اغلب المحافظات، حيث دفع هذا الجفاف عددا من الفلاحين لبيع أراضيهم وتغير أسلوبهم المعيشي، كما اجبر نقص المياه والجفاف الحكومات العراقية على خفض مساحات الأراضي المزروعة إلى النصف.

 

 

ابو محمد (49) عاما، بعد ان كان لي ارض زراعية انعم بخيراتها الوفيرة واقوم ببيع كل محصول بموسمه، تسبب نقص المياه بجفاف الارض وموت جميع المحصول الذي كنت من خلاله احصل على لقمة عيشي حتى تمكنت بعد ذلك من الهجرة الى محافظة اخرى وقمت ببيع الارض لاشتري سيارة اجرة واعمل بها كي لا ابقى عاطلا عن العمل ولا اجد قوتا لعائلتي.

 

اما ابو علي (55) عاما، بعد ان كان يزرع المنتج بيده ويقوم ببيعه الى بائعين الخضار لم يجد له مهنة اخرى غير افتراش الرصيف وبيع الخضروات المستوردة من خارج العراق، حيث ان اعداد الفلاحين الذين يقومون ببيع الخضروات على الارصفة في الشوارع ازدادت كثيرا في الاونة الاخيرة بسبب تركهم اراضيهم وعدم وجود مهنة اخرى لهم.

 

اما في دهوك تسببت قلة الامطار بجفاف سد زاويته كاملا، مما ادى الى تلف محاصيل التين والرمان في حقول عدة، حيث اكد احمد جبار (25) عاما، انه “بسبب جفاف السد تعرضت المزارع الخاصة بنا لضرر مادي كبير، حيث تلفت غالبية اشجار التين والرمان وجفت قرابة 5 الى 6 الاف دالية عنب”.

 

التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى