تقرير/حمزة كرامة
تواصل السلطات في العراق مكافحة المخدرات التي تصل إلى البلاد، وتعمل القوات الأمنية على تفكيك شبكات المخدرات بطريقة يومية، وسط تحذيرات من تفاقم آفة الإدمان، وسط شباب البلاد المتأثرين بسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في حين تركز الحرب ضد المواد الممنوعة، على الشق الأمني، بشكل كبير، دون معالجة المسببات.
ويرى مراقبون أن تفكيك هذا العدد الكبير من الشبكات يكشف الارتفاع المضطرد في أعداد مدمني المخدرات في البلاد والضالعين في المتاجرة بها، خاصة في صفوف الفئات العمرية الشابة.
وتشكل فئة الشباب الضحية الأولى للوقوع في فخ الإدمان المدمر، في بلد يشكل فيه من دون الخامسة والعشرين من العمر 60 في المئة من إجمالي السكان.
وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق قد أعلن، في وقتٍ سابق، أن “نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 في المئة وسط فئة الشباب، كما أن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة”.
كما أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية العراقية، أنه “خلال سنة ونصف السنة، تمكنت المديرية العامة من إلقاء القبض على أكثر من 11 ألفا، من مروجي وتجار المخدرات منهم 5 آلاف متعاط، وهذا مؤشر خطير”.
في السياق، قال الناشط محمود عباس، إن “ظاهرة انتشار تعاطي وتجارة المخدرات في العراق، تعود لجملة أسباب مركبة ومتداخلة؛ أهمها البطالة والفقر وانسداد الآفاق أمام فئة الشباب، فمثلا نسبة البطالة بمحافظة مثل ذي قار جنوبي البلاد بلغت نحو 35 في المئة”.
فيما تجاوز عدد من هم دون مستوى خط الفقر من عموم المواطنين العراقيين 13 مليون نسمة بحسب وزارة التخطيط العراقية، وقس على ذلك حجم المأساة، وفقاً لعباس.
من جهتها، أشارت الناشطة إيناس كريم، وهي رئيس منظمة عراق خال من المخدرات، في تصريح سابق، إلى أنها “ساعدت في بادئ الأمر في علاج عدد من الطلبة متعاطي المواد المخدرة، ومن ثم بدأت تأسيس المنظمة للعمل بشكل أوسع”.
ولفتت إلى أن “مخاطر انتشار المخدرات في العراق لا تقل عن مخاطر الإرهاب، خصوصاً مع تتبّع حالات الإدمان وتأثيرها في المجتمع”، مبينة أن “نسب تعاطي المخدرات باتت مقلقة بشكل متزايد، مع تجاوزها حدود 40 في المئة بين بعض الفئات العمرية من الشباب، وأن الفئة العمرية التي تتعاطى المخدرات هي بين 15 و35 سنة، إلا أن النسبة الأكبر في مراكز علاج الإدمان تنحصر بين عمر 17-25 سنة”.
كما تعمل منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان للحد من هذه ظاهرة التي بدأت بالتزايد في العراق خلال السنوات القليلة الماضية كما تشير الاحصاءات التي سبق وان نشرتها منظمة الصحة العالمية.
وأقامت أخيراً، مؤسسة مرتقى العراقية للتنمية البشرية بالتعاون مع مركز تنمية نشاطات الشباب دورة تدريبه لممثلي نحو عشرين منظمة من المنظمات التي تدعو لمكافحة المخدرات في مدينة السليمانية.
إضافة الى عدد من منتسبي شعبة مكافحة المخدرات في مديرية أمن السليمانية، والهدف من هذه الدورة التي اقيمت تحت شعار (المخدرات افة وضياع… فساهم معنا في مكافحتها)، التوصل إلى القدرة من خلال المحاضرات لاقناع الشباب بعدم الانجرار وراء تعاطي هذه المواد المخدرة.
وينص قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في العراق، رقم 50 الصادر في العام 2017، على عقوبات صارمة تصل لدرجة الإعدام كما في المادة 27 منه، وللسجن المؤبد كما في المادة 28 من القانون.
وكان العراق حتى عام 2003، بشكل عام بمنأى لحد كبير عن ظاهرة إدمان المخدرات والاتجار بها، بفعل القوانين العقابية الصارمة والرادعة، التي كانت معتمدة ضد المتعاطين والمتاجرين بها، والتي كانت تصل لعقوبة الإعدام.
وأكثر أنواع المواد المخدرة تعاطيا في العراق، هي الكريستال الأبيض والحشيشة وحبوب “الكبتاغون”، ومعظمها تدخل إلى البلاد عبر الحدود الطويلة مع إيران، التي تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.