تقارير وتحقيقات

بسبب شحة المياه

24 مليون دونم تخرج عن الخدمة في العراق

 

بغداد ـ عمر البغدادي

اقر الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية بخروج اكثر من نصف الاراضي الزراعية عن الخدمة في عموم مناطق العراق،في حين عزت وزارة الموارد المائية اسباب هذه الحالة الى شحة المياه.

رئيس الاتحاد حسن نصيف التميمي ذكر في تصريح لـ”الراي العام العراقي” ان نقص المياه وعدم وضع خطة صحيحة لتلافي شحة المياه التي حصلت في بعض المحافظات من قبل وزارة الموارد المائية،افقد العراق 24 مليون دونم من الاراضي الزراعية التي خرجت عن الخدمة من اصل 40 مليون دونم كانت صالحة للزراعة،مما اثر سلبا على الانتاج والاقتصاد الوطني والفلاحين بشكل عام.

واضاف ان خطة هذا العام سمحت بزراعة مليونين و600 الف دونم،الا ان هذا الرقم لايلبي الطموح مما يتسبب بانخفاض الانتاجية نتيجة عدم توفر المستلزمات من قبل وزارة الزراعة.

وحذر التميمي من هجرة جماعية لمعظم القرى البعيدة عن مصادر المياه الى مناطق اخرى مما سيزيد نسب البطالة والتاثير على الحركة والنشاط العام للسكان في العراق ان لم يكن هنالك حل ناجع وسريع لهذه المشكلة.

واوضح بأن جميع المحافظات قد تأثرت بمشكلة خروج اراض زراعية عن الخدمة لان وزارة الموارد تفرض قيود صعبة على الفلاحين والمزارعين بعدم اعطاءهم المياه واقامة دعاوى وشكاوى عليهم في المحاكم بحجة انتهاك التعليمات الصادرة من قبلها.

ونصح التميمي الحكومة بضرورة وضع خطة طوارئ لمواجهة شح المياه التي ضربت العراق ودول الجوار التي ينبع منهما نهري دجلة والفرات على حد سواء،وادخال التقنيات الحديثة في الري والسقي وفرضها لتلافي الاسوأ خلال المرحلة المقبلة.

اما وزارة الموارد المائية فقد حددت ثلاث عوامل ادت الى حصول شحة في المياه ومن ثم خروج اراض زراعية عن الخدمة.

وقال المتحدث بأسم الوزارة علي راضي لـ”ألراي العام العراقي“بأن احتباس الامطار وارتفاع درجات الحرارة وضعف الغطاء النباتي ادى الى قلة الايرادات المائية،فيما هنالك الكثير من دول المنبع توسعت بانشاء السدود والمشاريع الاروائية بشكل كبير،مما اثر على تقليل الايرادات المائية،فضلاً عن النمو السكاني خلال السنوات الماضية.

واضاف بأنه كان كل مايرد في نهر دجلة يصل الى العراق في السابق،اما الان فمع وجود السدود والمشاريع الاروائية تم التحكم بهذه المياه بشكل كبير جدا،مشيراً بأن جميع المباحثات والمفاوضات واللقاءات الفنية التي تجريها الوزارة مع دول المنبع تركز على 3 عوامل رئيسية الاولى هي حصة العراق المائية وضمان حقه،والثاني هو تفاسم الضرر في فترات الشحة المائية،والثالث هو التعاون المشترك بين هذه البلدان وصولا الى الية او معرفة طريقة ادارة سدودهم ليكون على اساسها الاعتماد او تقرير الخطط التي تعمل عليها الوزارة.

واوضح راضي بان ملف التفاوض مستمر منذ عشرات السنين،الا انه لايرتقي الى مستوى الطموح،رغم وجود مقدار التزام متفاوت فيه،مشيراً الى وجود زيارة مرتقبة للمبعوث التركي الخاص للمياه للتباحث معه في الكثير من هذه الملفات.

اما الخبير الزراعي تحسين الموسوي فقد وصف ظاهرة التصحر التي تصيب الاراضي الزراعية وتخرجها عن الخدمة بالـ”افة”التي لايمكن ايقافها خاصة اذا وصلنا فيها مراحل متقدمة.

وقال الموسوي لـ”الراي العام العراقي”بأن التصحر من الظواهر الصعبة جدا،الا ان العراق لم يصل لغاية الان الى مرحلة التصحر الشديد التي يمكن ان يصل اليها في حال الاستمرار بالتأثر بالظواهر المناخبية والازمة الحادة للمياه.

واضاف بان اكثر المناطق تأثراً بهذا التصحر هي محافظة البصرة بسبب وصول اللسان الملحي الى الاراضي الزراعية وجعلها عير صالحة،تليها بادية السماوة وذي قار وديالى التي اصبحت مغذيات انهرها صفر،مبيناً ان هذه الظاهرة بدأت تنتشر ايضاً بالمناطق القريبة من محافظتي واسط وميسان بسبب فقدان الحصص المائية.

واوضح الموسوي ان هذه الظاهرة بدأت بالتزايد بسبب البناء العشوائي وتجريف الكثير من الاراضي الزراعية وتحويلها الى مشاريع سكنية وصناعية،اضافة الى شحة المياه واستخدام الوسائل التقليدية في الري والرعي الجائر،محذراً من ان خروج اراض عن الخدمة سيتسبب بهجرة 50 ـ 60 بالمئة من المواطنين الذين يعتاشون على الزراعة.

والمح الى ان العراق افتقد الاراضي الرطبة في الاهوار والتي تبلغ مساحتها 20 الف كيلو متر مربع،مما ادى الى هجرة سكانها ونفوق الكثير من الحيوانات،والاختفاء التدريجي للتنوع الاحيائي.

وأشار الخبير الزراعي ان الموضوع رغم خطورته الا انه لم يحظى بالاهمية الكافية من قبل الحكومة،رغم ارتباطه بالتنمية المستقبلية والقطاعات الحيوية والخطط المستقبلية،والذي قد يتسبب مستقبلاً بتضرر مساحة اكبر من الاراضي الزراعية،منوهاً الى ان الجهات المختصة لم تنتبه للتقارير الدولية والتحذيرات التي انطلقت منذ عام 2009 ونبهت الى حصول هذه الظاهرة،وضرورة ترك الطرق الكلاسيكية في الزراعة والري والتي تستهلك نحو 70 بالمئة من المياه ولاتحقق اكثر من 30 بالمئة من الاستهلاك المحلي،والتوجه نحو اعادة تدوير المياه الثقيلة واستخدامها في الزراعة واستخدام تقنيات حديثة واستخدام بذور التي تتحمل نسبة ملوحة والحد من الرعي الجائر.

والمح الى ان جميع دول الجوار استعدت لموضوع شحة المياه وتدهور الزراعة فيها من خلال استصلاح الاراضي وتجهيز السدود وملئ الخزانات،في حين ان العراق بدأ يفقد انتاجه النباتي ومن ثم الحيواني بسبب قلة الاعلاف.

وكشفت المديرية العامة لزراعة محافظة نينوى عن خروج نحو مليوني دونم عن الخدمة في المحافظة.

وشكا مدير عام الدائرة ربيع يوسف الياس من قلة الدعم للفلاحين والمزارعين من ناحية السماد والبذور،مشيراً بأن نينوى التي تبلغ مساحة ارضها الصالحة للزراعة تقريباً 8 ملايين،خرجت منها مليوني دونم عن الخدمة خصوصاً في مناطق الحضر والبعاج والجزيرة بسبب شحة المياه،مؤكداً ان مشروع ري الجزيرة الجنوبي في حال تنفيذه فانه يمكن عودة الحياة الى تلك الاراضي.

 

((التقرير بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان)).

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى