طفل من قضاء عين التمر بكربلاء ، إسمه ( محسن ميثم إبراهيم ) ، عمره ( 10 ) سنوات ، يسقط على أحد الأسياخ الحديدية بطول ( 2 ) متر ، والذي يخترق وجهه ليخرج من إذنه اليسرى ، في مشهدٍ يظُن من يراهْ ، أن حياة الطفل أصبحت على وشك الإنتهاء ، إلآ أن العناية الإلهية ، ومهارة الفرق الطبية في المُستشفى العام للقضاء ومدينة الإمام الحُسين ( ع ) الطبية وتعاملهم مع الحالات الحرجة بمهنية عالية ، وشهامة أحد المُسعفين وزميله سائق عجلة الإسعاف في مُستشفى القضاء الذين لم يكملوا فطُورهم ، لينقلوا الطفل المُصاب الى المدينة الطبية بفترة زمنية إستغرقت نحو ( 40 ) دقيقة ، لإجراء جراحة دقيقة ومُعقَدة وإخراج السيخ الحديدي من وجه الطفل ، مُنقذين حياته دون التسبب في أضرار له ” .
وفي تفاصيل القصة ، على لسان المعاون الإداري لمُستشفى القضاء ، السيد ليث سلام الشمري ، بدأت أمس الجمعة ، حين دخل الطفل طوارئ المُستشفى في تمام الساعة السادسة والنصف مساءاَ ، منقولا من دار سكنه بإحدى عجلات الإسعاف الفوري بعد تلقينا مكالمة هاتفية من قبل أحد مُنتسبي الأجهزة الأمنية تفيد بوجود حالة طارئة تستلزم نقلها بصورة عاجلة إلى المستشفى ، حيث وصل الطفل ، والسيخ الحديدي يخترق وجهُهُ لتظهر بدايته ونهايته بوضوح ، حيث كان بإستقباله ، طبيب التدرج ، الدكتور محمد مهدي جليل ، والملاك التمريضي والصحي ( محمد مردان مخيف ، أمير عبد اليمة ، كرار علي مجيد ، احمد هاشم محمد ، علاوي ناصر سلطان ، كرار حيدر ، محمد رضا صبر ، زيد علي منصور ) ، ومسؤول وحده المتابعة ، نصر عوده ، وتلَقى الطفل الإسعافات الإولية ، ومن ثم إحالته الى المدينة الطبية ، بمعية المسعف علي عبيد فياض ، وزميله سائق عجلة الاسعاف ، جاسم محمد حسون ” .
من جانبه ، يقول مُدير شعبة جراحة الصدر والأوعية الدموية في المدينة الطبية ، أخصائي جراحة القلب والصدر والشرايين والأوعية الدموية ، الدكتور صفاء حسين هاشم العلي ، بعد إستقبال الطفل من المقيم الدوري ، الدكتورة آيات محمد ، التي أشرفت على التقييم الأولي للطفل ، أعقبه إجراء اللازم له من ( كانيولا ومُغذيات وتحاليل بضمنها كوفيد وفايروسات وتحضير ( 5 ) قناني دم ، وإعطائه لقاح الكزاز ) ، ومن ثم الإتصال بنا من قبل مقيم أقدم جراحة الصدر والأوعوية الدموية ، الدكتور أحمد علي الگريطي ، حيث كان الفريق المُساعد لنا من أخصائيي جراحة الوجه والفكين ( الدكتورة دنيا فاخر ، والدكتورة تبارك أنمار )، وجراحة الجملة العصبية ( الدكتور حيدر سباهي ، والدكتور محمد يحيى) ، وإختصاص الأنف والأُذن والحنجرة ( الدكتور خالد خشان ، والدكتورة هبة محمد ) قد سبقه في الحضور ، ليتم بعدها الإتصال بأخصائي السونار والمفراس ( الدكتور محمد الوزني ) الذي كان وجوده مُهما من ناحية الترتيب لآلية العمل ومساره العلمي الصحيح “، مُبيناً إن ” السيخ كان طويلاً ، وتعاملنا معهُ بواسطة ( الكوسرة ) ، والطفل في وعيه التام وبتوتر شديد ، حيث قمنا بقطع السيخ من الطرفين بغية تسهيل دخول الطفل لجهاز المفراس وتحديد مسار السيخ ، ومعرفة بعده عن الشرايين الرئيسية للرقبة وقاعدة الجمجمة ” . وأضاف العلي ، قُمنا بتهيئة الطفل للعملية بحضور أخصائيي التخدير ( الدكتور فراس عباس ، والدكتور زياد طارق ) ، وبدأنا بفتح ( التفويه الرغامي ) ، وكانت الصعوبة بإعطاء التخدير بدون ( التيوب ) والإبقاء على الماسك فقط ، وما يترتب عليها من خطورة إختناق المريض ، وعند البدء بالعملية ( يقول العلي ) ، بدأ اُوكسجين الطفل بالنزول ووصل الى درجة ( 60 % ) ، غير إن ” الخبرة التي يتمتع بها أخصائي الأُذن والأنف والحنجرة ) ، تم تجاوز المشكلة وأخذ الأوكسجين بالتصاعد ، ليبدأ بعدها عمل الفريق الثاني المؤلف من أخصائيو ( القلب والصدر والشرايين والوجه والفكين ) ، مع التوقع بأنه في أية لحظة يحدث نزف شديد عند سحب السيخ ، كونه مُلامس للشرايين والأوردة وقاعدة الجمجمة ” . وأشار العلي ، إنه ” تم الإتفاق على إن يقوم هو بفتح فم الطفل ، وتتوَلى أخصائية الوجه والفكين بسحب الشيش بصورة تدريجية ” ، مُنوهاً إن ” الفريق الثاني كان على أهبة الإستعداد لأي طارئ ، عازياً ذلك لإحتمال حدوث النزف الشديد أو وفاة الطفل لاسامح الله ، وإن الفريق كان مُطمئناً بوجود أخصائي الأوعية الدموية والشرايين ، وتم تزييت السيخ بمادة الزايلوكائين بعد تنعيم حافته مُسبقاَ وقطعها من قبل كادر الطوارئ ، وبدأ بسحب السيخ تدريجياً ، لحساسية منطقة الإصابة ، وتمكَنا من إستخراجه بالكامل ، ومن ثم تنظيف الجرح من الداخل والخارج وتعقيم مكان الإصابة ، أعقبه خياطة الجرح ، لتنتهي العملية المُعقدة والصعبة والنادرة التي إستغرقت ساعتين مُتواصلتين بنجاح باهر بفضل من الله تعالى والجهود الخيرة من قبل الفرق الطبية والصحية والتمريضية ” . وتابع العلي ، قمنا بإفاقة الطفل من التخدير وإخراجه لردهة العناية المركزة في قسم الطوارئ ، لإحتمالية حدوث نزف أو توَرم بعد العملية بسبب إصابته في منطقة الفم ، وتمت مراقبته الى صباح اليوم التالي ، وبالتالي فحصه من قبل أخصائيو الوجه والفكين والأذن والأنف والحنجرة والأوعية الدموية ، وبعد الإطمئنان على وضعه الصحي وإستقراره ، تم إخراجه الى الردهة لإكمال العلاج ، حيث يتمتع حاليا بصحة جيدة ، ويتماثل للشفاء بصورة تدريجية ” ، منوهاً إن” الملاك الصحي والتمريضي المشارك بالعملية ، كان مؤلفاَ من ( محمد خضير ، وسام صالح ، نجم عبد الزهرة ، حوراء رضا ) “.