منوعات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد الثاني والستون. ( جدران وطرقات )

 

حسين أحمد الإمارة
إختلفت المسميات والمعنى واحد.
شارع.
طريق.
عگد.
دربونة.
زقاق.
جادة.
ممر .
منها الواسعة وأخرى الضيقة وبعضها غير نافذ، جميعها لم ينالها التعبيد إلا بوقت متأخر.

شاب في مقتبل العمر يحمل إناء فيه ماء(سطل ) يقوم برش الماء على قفص العاگول المشبك الذي وضع على شباك الدار المطل على الدربونة لغرض الحصول على الهواء البارد الداخل للبيت .

في مسيرك على الطريق تشم روائح الأطعمة، أرز العنبر ودهن الحُر .

خبز اللحم المخلوط بالكمون والمخبوز على الحطب، هو الآخر يجعلك تطرق باب جارك لتنال من الجدة (البيبية ) ما جادت به منه.

رجل مسن جالس عند شباك داره المطل على العگد، وضع فيه شربة (تنُگة) ماء لاستعمالها في وقت لاحق يحمل المهفة يحركها يميناً وشمالاً لغرض الحصول على الهواء المنعش. يستمع لنشرة أخبار الظهيرة عبر راديو السيمنس( أبو اللمپات ) .

بنات جميلات اجتمعن في الشارع أمام باب الدار يقمن بممارسة لعبة (التوكي ) .

وطفل جلس على عتبة داره يراقب مجموعة أخرى يلعبن لعبة القفز على الحبل ،ولصغر سنه فلا يسمح له باللعب معهن.

ثلة من أطفال الطرف اجتمعوا في الزقاق المجاور كي يلعبوا الدعبل فيما بينهم.

فتية من أهل المحلة سائرين على الجادة في طريقهم إلى ساحة اللعب القريبة من مساكنهم، وهم منشغلين بحديث يخص الترتيبات اللازمة لإجراء لقاء ودي مع الفريق الضيف.

نظراً لعدم وجود اجهزة التكييف فالكل ينام على سطح الدار .
وبعد أن يرش بالماء، يفرش بالحصران وفوقها توضع الدواشك القطنية، فيما تنصب الناموسية (الكُلة ) لسيدة الدار وسيدهُ تجنباً للبق والذباب.

واما الأولاد مكانهم على جهة من سطح الدار والبنات لهن الجهة الأخرى منه، حفاظاً على الخصوصية لكلاهما.

قبل النوم الجميع يشترك في الحديث همساً وهم ينظرون للسماء عن درب التبانة (بنات نعش ) حول القصص ألتي نُسِجتْ حولها.

كل شيء طازح ولا حاجة لتخزين المواد الغذائية. ومن يتولى أمر التسوق هو رب الأسرة أو الجدة في حالة غياب الأب.

دور متلاصقة مع بعض، وما يحدث للجار يهم الجميع، إن كان فرحاً أو حزناً .

حادثة تستحق الذكر..
طرَقتْ بابنا يوماً جارة لنا..
تفضلي..
أُمك هنا ؟…إي خاله .
استقبلتها أمي بالترحاب، وما أن جلست ،حتى بدأت بالبكاء.
خرجت من البيت لأفسح المجال لها للافصاح عما تريد قوله.

بعد حين عاد والدي من المحل وبعد أداء التحية، أخبرته والدتي بالموضوع.

وضع عباءته على الكرسي وذهب إلى دار المعنية بالأمر.
لم تطول فترة غيابه .
قال لها خيراً فعلتي بعدم ذهابك لبيت أهلك، فأنا اخوك وأبو فلان أنا أحترمه وأقدره وعليك تحمل بعض الهفوات حال صدورها منه. والأمور قد حُلتْ.

يا أم صاحب اصطحبيها لدارهم فقد سويت الأمور.
مثل هذه الأمور كانت تحدث بين العوائل وتُحَل بطريقة بسيطة لكونهم يشعرون أنهم عائلة واحدة، يشتركون معاً في السراء والضراء..

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى