العراق: كتب/ طلال العامري
أنا أكتب ما أجده (حق).. لا أجامل أو أداهن ولكني دائما أركض “بساق واحدة” نحو تقصّي الحقائق وتدقيقها وفي كثير من الأحيان حين أقع بالخطأ، أكتب ضد نفسي معاتباً ومنتقداً إياها وأجبرها على الاعتذار إن هي حادّت بقصدٍ أو من دونه وأحتفظ بما أكتب، لأعيد الإطلاع عليه للتذكير وجلد النفس..!!
دار .. داران .. دور .. مفردات تعلمناها ونحن صغار يافعون.. ترى لماذا علمونا كلمة دار قبل كل الكلمات..؟
هناك من قال لأنها الأقرب إلى القبول عند الصغار وممكن لاستيعاب حروفها بسرعة البرق وهو ما كان وأصبح..!!
إذن الدار “هي” أو ما نتعلم “كتابته” كلمة تتكوّن من ثلاثة أحرفٍ ولكن أي حروف وأي دلالات نخرج بها من هذه الكلمة..؟!
الدار تعني الوطن تعني البناء والأمن والأمان.. الاستقرار والطمأنينة… لا يهم إن كانت جدرانه من الطين أو الإسمنت لأن الأهم هو الأساس المتين الذي يرتكز عليه سقف مستند إلى حيطان تحتمي ومن فيه من عاديات وغدر الزمان وتلصص الفضوليين..! ألم نقل أنه الاستقرار..؟
منذ مدة طويلة والرياضة العراقية تبحث عن الأمن والأمان والاستقرار ولكن هل وجدتهم معاً أو فرادى..؟
الجواب واضح وجليّ لا يحتاج إلى جهد كي نعرفه وهو (لا)..!!
عندما شهد العراق أحداث “2003” التي ألقت بما حملته على كل شيء في العراق وأولها الرياضة وتوابعها من كرة القدم نزولاً..!
رياضتنا التي كنّا نظنها العروس التي لا تشيخ ولكنهم (أناخوها) فشاخت بفعل فاعلين من أبناء جلدتها قبل “التعلل” بالغرباء..! وهنا لا نقصد شخصاً بعينه، بل مجاميع “أشخاص” هم من تسببوا بما حصل لرياضتنا المبتلاة التي تركت كل الأساسيات التي كنّا نسير عليها برغبة ممن يديرونها “مجموعة”..!
وهم من وضعوا لنا الأساسيات التي تخلو من (الأسس) الصحيحة..!!
ستقولون كيف ؟ نجيبكم بأمثلة.. وعذراً منكم إن ابتعدنا عن مشاكل الصراع في مقالنا هذا.. لأن المتصارعين “كلهم ميّتون والضرب بالميّت حرام”.. فاخترنا موضوعاً للخوض فيه وهو من نتاج الصراعات المستعرة من زماااااان وليس اليوم بسبب انفجار بركان المشاكل..!
رغبنا التحدّث عن “دورياتنا” العراقية ولمجمل فعالياتها وبكل مسمياتها (ممتاز).. (أولى).. (ثانية).. (ثالثة) ونفتقد ألـ(رابعة) ماذا سنجد..؟
ليس أكثر من أسماء ومسميات لا تغني ولا تسمن عن جوع، لأنّ من أطلق تلك التسميات، نجزم ولا نعتقد أنّه لا يفقه شيئاً في علوم المنطق والحساب والرياضة..!!
وأيضاً ستسألون كيف..؟ نجيب… كلكم تعلمون أنّ الدوريات في العالم لها مسميات عدة، وعلى ما نعتقد أن الأبرز فيها هو الدوري الإنكليزي ومن بعده الإسباني وحتى الألماني وهذه الدوريات مجتمعة بأسمائها ودلالاتها كانت تحتل الترتيب الثاني والثالث خلف دورينا الكروي العراقي سابقاً، أيام تسميته ألـ(نخبة)..!! وما حصل في كرة القدم انسحب (تقليداً) على فعاليات أخرى..!
لا تقولوا كيف ولماذا، لأننا أخبرناكم أن تعيدوا مطالعة التسميات السابقة وتقارنوها مع أسماء الدوريات التي نوّهّنا عنها..! معظمها بل “كلها” لم تحمل تسمية النخبة على مدار “عقود وأكثر من قرن” لعمر مسابقاتها وأعلى ما وصلوه هم من تسميات كانت الدرجة الممتازة..!!
وعندما نتمعن بتسمياتهم التي أطلقوها “هم” سنعذرهم وبذات الوقت نقول إنهم يمتلكون كل شيء ويعرفون حدودهم ونحن لا نمتلك أي شيء ولا نعرف حدودنا..!!
نتحدّث عن كرة القدم ونقول: هم لديهم ملاعب تستوعب بالمعدل العام (50) ألف متفرج حسب جمع عدد المقاعد في كل ملاعبهم وتقسيمها على عدد الملاعب المنتشرة عندهم وعندما نفعل ذات الشيء عندنا سنجد أن أفضل معدّل عندنا لن يصل إلى ثلاثة آلاف متفرج مقارنة بعدد المشاركين من “فرق أنديتنا” بمختلف الدرجات.. لأنّ معظم ملاعبنا من دون مدرجات إلا ما أستحدث مؤخّراً وأيضاً لم يراع فيها عمليات النسبة والتناسب..!!
صالات السلّة.. أغلبها غير (صالحٍ) لأن الأهم في عقول من خططوا، كان تحييد أهل القدم وليحدث الطوفان بعد ذلك، لأن أتباع الفعاليات الأخرى “قلّة” قليلة أو هكذا ينظرون إليها..!
ممكن يحدّثنا أي رياضيٍ عاقلٍ ومختص “شرطاً” عن أكبر صالةٍ رياضية في العراق (موجودة) على أرض الواقع ويعدد لنا مزاياها ثم يجري عملية حسابية بسيطة أو “صعبة” لبقية “الصالات” من حيث الاستيعاب الجماهيري والجاهزية.. نتحدّاه بأن جميعها لن تصل بكمّ الجماهير التي ترتادها أو “تحتضنه” في مجمل مباريات الدوريات” للذي تحتويه صالةٍ “واحدة” من التي عندهم (حضور جماهيرنا ولمجمل فعالياتنا التي تجري في الصالات لموسمٍ كامل بالكاد يساوي ما يحضر ليحتضن بصالةٍ واحدة عندهم ولمباراة واحدة فقط)..!
صرفنا المليارات من الدولارات.. أغلبها ضاع على (جم) “كم” ملعب كل يوم يدخل أحدها “صيانة ونواقص إكمال”.. وعندما نتحدّث.. يأتي الجواب من المنافقين والمنتفعين مرددين وهاتفين (عاش الوزير “اللي” الذي افتتح لنا ملعب)..!
نبقى في ميادين كرة القدم ونتحوّل إلى أرضياتها.. شتّان بين أرضيات ملاعبنا الصفراء والطينية وملاعبهم التي لا يتغير لون مستطيلها الأخضر طوال السنة وكم مرة أردت أن أرى لاعباً في تلك الدوريات يخرج من الملعب وعلى ملابسه نقطة (طينية)، حتى وإن كانت بحجم حبّة الحمّص وفشلت باصطياد تلك اللقطة..!!
بينما وجدنا أي لاعبٍ من “لاعبينا” حماهم الله يخرجون والطين حوّلهم إلى “رقعٍ أثرية” وليس لوحات بفعل ما تفرزه الأرض من أشياء وألوان علمها عند ربنا وكم بحثنا عن نقطة بحجم حبة الحمّص من أثر للونٍ أخضر في أغلب ملاعب العراق باستثناءات “بسيطة” فلم نجد، لأن حتى ملاعبنا التي ترفل بالأعشاب التي كانت خضراء تحوّل لون عشبها إلى الأصفر، هذا ناهيكم عن تطبيق الاحتراف بكل تفصيلاته عندهم وعندنا لم نصل بعد مرحلة تعلّم المشي لأننا مازلنا نتعلّم كيف نحبوا..!!
بدأ التسويق عندنا أو لم يبدأ بعد.. حمل اسم لإحدى الشركات أو لم يحمل “منحت حقوق النقل تلفازياً” بالقانون أو لم تمنح..
ثمن بخس يتحصّله النادي المشارك والجهة صاحبة الحدث وتبقى محكومة باسم شركة أو “مستثمر” نال ما حصل عليه بثمنٍ بخسٍ..!!
دافع الضريبة الوحيد هو (جمهور) يعني “شعب” كره أغلب الأشياء وها هو سيكره أعزّ شيء كان يتمسّك به..!
رغم أن دورياتنا ونشاطاتنا من دون طعم أو لون أو رائحة وإذا أردنا لها أن تنهض، لابد من إعادة توصيفها علمياً بعيداً عن الأسماء والضغوط والمصالح، والارتقاء بالذي نمتلكه من إمكانيات، كي لا نضع أنفسنا في موقف محرجٍ أمام أنفسنا أولاً ومن ثم نكون فرجة أمام الآخرين الذين نقول لهم (فرجة ببلاش) هذا إن كان قد بقي لنا مما نخجل منه لم يظهر للعلن..!!
نكتفي بهذا القدر لأن الأيام القادمة تحتاج الغوص في أعماق أسباب تأخرنا رياضياً وعندها سترون ما نخرج به من الأعماق السحيقة الآسنة التي لابد من المساهمة بتطهيرها بأنفسنا قبل غيرنا.. ونجزم إذا رغبنا بذلك، لابد أن نبدأ من دار داران دور لكن علينا أن لا ننسى الأسس.. وإلا سنبقى في خراب من الباب إلى المحراب ولن نحكي سبب قول هذا المثل لحساسية مفرداته..!
وبالعنوان نختم ما بدأناه.. “كلّنا في الهوى سوى.. ناس تأكل التمر.. وآخرين لهم النوى”.. دمتم ولنا عودة..هذا إذا (ما صار شي)..!