منوعات

حائط بلانك .. النقطة التي توقف عندها العلم 

متابعة / أحمد عاصم

المستويات المختلفة في الكون سواء كانت كبيرة أو صغيرة يصعب وبشدة على العقل البشري تخيلها، بل يكاد يكون مستحيل علينا مقارنتها بالأحجام المألوفة الموجودة في حياتنا اليومية، فلو سألتك الآن على سبيل المثال ما هو أكبر وأضخم شيء يمكن لعقلك تصوره بسهولة ؟ .. سيأتي في بالك شيء مثل الحوت الأزرق أو أهرامات الجيزة أو حتى جبل إفريست، لكن في الحقيقة الكون يحتوي على أجرام تفوق أحجام الأشياء التي نتخيلها بمليارات بل بتريليونات المرات، ومن الجانب الأخر لو فكرت على مستوى الأجسام الصغيرة فياترى ما هو أصغر وأدق شيء يمكن لعقلك تصوره ؟ .. وقتها سيأتي ببالك شيء كحبيبات الرمل أو حتى البكتيريا، لكن وبنفس الكيفية سنجد في الكون جسيمات أدق من ذلك بملايين المرات!، كلما تقدم العلم يكتشف أن هناك أصغر من الذي إستطاع الوصول إليه من قبل، وكلما نزلنا لمستوى أصغر نجد أن الطريق مازال مفتوح لإكتشاف ما هو أدق في عالم الذرة، لكن حتما ولابد في يوم من الأيام أن نصل لحائط كبير نصطدم به ولا نستطيع تجاوزه على الإطلاق، حائط سيمنعنا تماما من تطبيق قوانين الفيزياء والطبيعة، وحتى عقولنا وقتها ستعجز تماما بشكل صريح عن وضع أي تصور للوجود عند هذا الحد، وهنا سيقفون العلماء وهم عاجزين عن وضع أي سطر جديد في محاولة كشف ما وراء الستار،كان الإعتقاد السائد قديما أن الذرة هي أدق وأصغر شيء في الوجود على الإطلاق، وكي تتخيل حجم تقريبي للذرة فهي أصغر 100,000 مرة تقريبا من أي شيء تراه بالعين المجردة!، وأستمر هذا الإعتقاد لقرون طويلة إلى أن تم إكتشاف ما هو أصغر من الذرة ..

أول تصور لفكرة وجود شيء لا يوجد أصغر منه يرجع لعام 450 قبل الميلاد على يد الفيلسوف الأغريقي الشهير ديموقرطيس، حيث نشر بين الناس فكرة رائجة أثارت فضولهم في التفكير عن أصغر جسيم موجود على وجه الأرض، وكانت الفكرة تكمن في تفاحة وقمنا بتقطيعها لشرائح وتسائلنا هل يمكن تقطيعها مرة أخرى؟ سنجيب بنعم نستطيع تقطيعها مرة أخرى، وبعدها سنتسائل هل يمكن تقطيعها مرة أخرى ونستمر بالإجابة نعم نستطيع تقطيعها لقطع أصغر وأصغر وأصغر إلا أن نصل لقطعة صغيرة جدا من التفاحة لن نستطيع مسكها بأي آلة من الأساس لنقطعها، وأطلق على هذه القطعة الصغيرة (Atmos) وهي الكلمة اليونانية المشتق منها كلمة ATM أو الذرة – أي الشيء الغير قابل للتجزيء –

في القرن الـ 19 وتحديدا في عام 1803م كانت أول مرة يتم فيها إثبات وجود الذرة علميا، وذلك على يد الكيميائي البريطاني جون دالتون .. جون كان يدرس ضغط الغازات المختلفة وحتى نظريته الشهيرة عن الذرة، والتي كان يقول فيها أن الذرة هي أصغر ما يطلق عليه مادة وهو شيء غير مرئي ولا يمكن تقسيمه أو تدميره، وأن كل مادة تتكون من مجموعة من الذرات التوائم يحملون نفس الخصائص بالضبط، ووجودهم مع بعض بنمط مختلف ونسب مختلفة يصنعون مركبات مختلفة وهذا ما يجعل هناك تنوع في المواد الموجودة في الطبيعة، أما بالنسبة للتفاعلات الكيميائية في الطبيعة فقام جون بوصفها على أنها مجرد تغيير في ترتيب الذرات مع بعضها البعض، فعند تغير نمط الترتيب يتحول المركب لمركب آخر،مهما تقدمنا في العلوم والتكنولوجيا وغيرها سنصطدم بحائط صد في النهاية تعجز عقولنا أن تضع أي نظرية أو فرضية نتصور بها ما وراء هذا الجدار، لأنها الصنعة الإلاهية التي لا دخل لنا بها ولا يستطيع أي إنسان على وجه الأرض أن يجزم ويصف لنا ما الذي موجود وراء الحائط، إذن يا أصدقاء فعقولنا كالبصر وكالسمع وكالشم لها حدود يستحيل تجاوزها.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى