تقارير وتحقيقات

الاعتداء على الأطباء… مشهد عراقي يتكرر

 

ورد أجود

أقدم مجموعة من العراقيين، على الاعتداء على صيدلاني داخل إحدى المستشفيات في محافظة بابل، ووقع الاعتداء بعد مشادة حدثت بين مرافقي مريض وطبيب مقيم و صيدلاني، تطور إلى شجار وضرب الطبيب والصيدلاني، ما أدى إلى إصابتهما برضوض داخل مستشفى قضاء المسيب شمال الحلة، فيما تمكنت قوات الأمن من اعتقال المعتدين على الطبيب والصيدلاني.

مثل هذا المشهد يحدث بشكل متكرر في مناطق العراق، لا سيما في مدن وسط وجنوب البلاد، وهي ظاهرة يجدها مراقبون تحمل آثاراً كارثية على وضع القطاع الصحي، وقد تؤدي إلى استمرار هجرة الأطباء من العراق، ما قد نشهد أزمة في أعدادهم بالمستقبل.

ويوضح نقيب الأطباء العراقيين الدكتور عبدالأمير الشمري أن “الإحصاءات الرسمية سجلت اغتيال 363 طبيباً بعد عام 2003”. وأضاف في تصريح سابق أن “الاعتداءات التي تنامت في السنوات الأخيرة يعود سببها إلى تردي الخدمات الطبيبة ونقص الأدوية وضعف البنى التحتية، كما أن الدولة لم تراع الزيادة الحاصلة في عدد السكان، فأصبحت المؤسسات الصحية الموجودة لا تستوعب أعداد المرضى، ما أدى لاكتظاظها، وبالتالي أصبح الاعتداء على الأطباء ظاهرة يومية”.

وخلال اشتداد انتشار وتفشي فيروس “كورونا”، زادت حوادث الاعتداء على الأطباء، وقد أكد مجلس القضاء الأعلى على حماية الكوادر الطبية والصحية من الاعتداءات التي تطولهم، لا سيما من حوادث الاعتداء والضرب للأطباء والعاملين في القطاع الصحي من قبل ذوي المرضى والمصابين وتحميلهم مسؤولية تدهور وضع المريض الصحي، مشددا على العقوبات التي فرضها المشرع العراقي لمكافحة هذه الظاهرة.

وقال قاضي محكمة تحقيق الرصافة في بغداد علي كمال إن “المشرع العراقي أولى من خلال نصوص قانون العقوبات اهتماما بموظفي الدولة لما تقدمه هذه الفئات من خدمة لأفراد المجتمع إضافة إلى احترام الموظفين كونهم جزءا من هيبة وسيادة الدولة ولمساعدتهم في أداء أعمالهم بصورة سليمة”.

وأضاف أن “حق الشكوى مكفول قانونا ودستورا وان والاعتداءات التي تقع على الأطباء نظم أحكامها قانون أصول المحاكمات الجزائية”، مشيراً إلى أن “حالات الاعتداء على الكوادر الطبية تفاقمت في المدة الأخيرة من خلال ما نشاهده في وسائل الإعلام وكمية القضايا المنظورة أمام المحاكم”.

وفي وقت سابق، أظهر مقطع مصور تداوله عراقيون بمنصات التواصل الاجتماعي، قيام مجموعة من الأشخاص بالاعتداء بالضرب المبرح على مدير مستشفى “الأمل” بمدينة النجف الدكتور طارق الشيباني، متهمينه بـ”التقصير في أداء واجبه ما تسبب بوفاة مريض من ذويهم بعد تدهور حالته الصحية جراء إصابته بكورونا”.

عقب ذلك، حذرت مفوضية حقوق الإنسان، من هجرة الأطباء العراقيين، في وقت يكافح فيه البلد، ضد تفشي فيروس كورونا. وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان، إن “التجاوز على الأطباء والملاكات الصحية، الذين يمثلون خط الصد الأول لمكافحة كورونا، بهكذا عدوانية يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان”.

وأضاف الغراوي، أن “هذا يستدعي التعامل مع من يتجاوز على الأطباء والكوادر الطبية والمؤسسات الصحية وفق قانون مكافحة الإرهاب، كما أن تكرار الاعتداءات على الكوادر الطبية يستدعي أن تقوم الحكومة بإجراءات رادعة للحد من هذه الظاهرة”.

ووفقاً لإحصاءات رسمية، ترك ما لا يقل عن 72 ألف طبيب عراقي البلاد منذ عام 1991، إذ دفعتهم الظروف الأمنية والتهديدات التي تعرضوا لها، فضلاً عن سوء الأوضاع المعيشية، إلى الهجرة، وهم يقيمون في دول غربية وعربية مختلفة، فيما يعاني العراق من نقص بأعداد الأطباء الاستشاريين.

وعاش أطباء العراق ظروفا صعبة وهم يجابهون جائحة “كورونا”، إذ بلغ عدد الإصابات بين الأطباء أكثر من 1300، توفي 36 منهم، فضلاً عن الحالات الحرجة. كما أنهم يعانون من الوباء ونقص الخدمات من جهة والتهديدات العشائرية والاعتداءات من جهة أخرى، وهو ما يدفع بعضهم إلى التفكير جدياً بالهجرة للتخلص من الحرب التي يخوضونها يومياً.

تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى