.
عامريات
لماذا يخافون ذكرها؟!
حكاية لا تحدث سوى في العراق!
قراران متناقضان في ظرف ٢٤ ساعة فقط!
العراق: كتب/ طلال العامري
الصورة التي أمامكم هي “لقطة” وثّقت وأرسلت لي حينها عن احتفالية “جريدة البعث الرياضي” التي أقيمت منتصف تسعينيات القرن الماضي تقريباً ويومها تم إختياري أفضل وأنشط مندوب “مراسلٍ” صحفي في العراق لغزارة ما أكتب وَ أنشر معتداً بالمهنية، التي قيل عنها بحقي الكثير مدحاً لا قدحاً..!
وَ تلاحظون استلامي “الجائزة” من قبل الراحل عبد الجليل موسى أكبر الصحفيين الرياضيين العراقيين وقتها (رحمه الله) ..
جرت الاحتفالية في قاعة “القيثارة” التابعة لفندق “بابل الدولي” وسط العاصمة بغداد ويومها، تم تأمين السكن لنا في الفندق وأقيم بالمناسبة تلك، حفل كبير أحياه المطرب العراقي “عبد فلك” وخلاله طُرِبَ جميع من تواجدوا.. عريف الحفل كان الصديق والزميل القدير الصحفي والإعلامي الألمعي حسام حسن معد ومقدّم برامج الرياضة في الحرة عراق اليوم ووقتها كان يعمل بصفة محرر ومشرف صفحة.. والذي ارتجل كلمات نطقها بقلبه وليس لسانه “جعلتني أبكي وأنا أسير بخطاي المتعثّرة بساقي المصابة والأخرى التي فقدتها وعوّضوني عنها بصناعيةٍ تربط بحزامٍ لتثبت، لصعوبة مكان البتر من منطقة الحوض نتيجة تواجدي ومشاركتي بخدمة العلم (عسكري مجنّد) الزامياً وحدثت الإصابة التي طالت كل الجسد وأخذت منه ما أخذت في ٢٠/ كانون الثاني من سنة ١٩٨٧..!
أبكاني “حسام الإعلام العراقي” الذي انتشيت بكلماته حتى حلّقت وأنا المتسمّر على الأرض متكأً بعكازي الذي رافقني إلى اليوم ليعينني بالمشي لا أكثر..!
لا أدري لماذا يخشى البعض تذكّر هذه الصحيفة والتنكّر لها، مع أنّها كانت الأفضل وَ الاقوى والأجرأ وأغلب من يعملون اليوم في كثير من ميادين الصحافة والإعلام تواجدوا فيها بشتّى الصفات وتخرّجوا بعد أن درسوا “فيها” عنها..!
كانت “البعث الرياضي” حلم الجميع.. من دخل بابها (مساهماً) وليس كاتباً أو أي عنوان آخر، يتم تصنيفه بين كبار من يختطّوا الكلمات وَصاغوا حروف الكلم..
أغرب موقف كان لي عقب استلامي الجائزة والذهاب إلى الموصل “عشقي الأبدي” مدينتي التي تبعد عن العاصمة ما يزيد عن الـ(٤٠٠ كلم) بقليلٍ هو: وصلتُها ونِمت ليلتها على أمل أن آخذ نسخة من الجريدة في اليوم التالي..!
شريت نسخة.. لم افتح أو أقلب صفحاتها كما أفعل دائماً..!
وجدت.. خبر التكريم في الصفحة الأخيرة من الجريدة، ذهبت إلى البيت دخلته وأنا أطالع الهدايا التي قدّمت لي ومن بينها شعار الجريدة.. “رحت” أطالع بقية الصحف مروراً من الأخيرة.. قرأت ما كتبه الزملاء.. وصلت إلى الصفحة الثانية.. أعلاها، لفت نظري خبر بعنوانٍ بارزٍ مفاده:” فصل مراسل” قلت في سريّ من هو” المتعوس” الذي طالته تلك العقوبة القاسية..؟
لم يخطر ببالي أن يكون المتعوس هو “أنا” ولم أعلم السبب وقتها أو أدقق عن حيثياته مع أني عرفت وهو كتابتي عن موضوع يتعلّق بأمورٍ مالية وإدارية وتجاوزات، قام من كتبت ضدّه أو ضدهم باستغلال علاقتهم مع مشرف الجريدة والصحف التابعة” للأستاذ”..!
من يجرؤ على سؤال المشرف عن الصحف تلك العائدة “للأستاذ عدي صدام حسين رئيس مجلس الإدارة”..
وقتها كان المشرف والسكرتير الصحفي له هو السيد عباس الجنابي..!
قرأت الخبر وصُعقت، لأن المفصول هو من نال لقب الأفضل عراقياً (طلال العامري).. قبل وفاته بسنين أو أكثر، نوّهت عن القصة في أحد المواقع وعلى صفحتي في الفيس بوك.. ذهلت حين رأيت تعليقاً لسكرتير ورئيس التحرير لاحقاً الراحل ماجد عزيزة.. يكتب فيه.. ظلمناك يا عامري مع كلمات أخرى كثيرة “ختمها” ولكني أعدت لك حقّك ورددت اعتبارك ومع ذلك أعتذر عن الألم الذي سببناه لك..!
التقينا أنا وعزيزة سنة ٢٠١١ بالتحديد حين أوفدت لتغطية نشاطات دورة الألعاب العربية في الدوحة.. وهناك وأمام الكثير من الزملاء أخذني الأحضان وقبلني معتذراً مني علناً..! وبقينا نتواصل حتى أيامه الأخيرة وهو يعيش في كندا هارباً من بلده الذي صعب العيش فيه قبل عام ٢٠٠٣..!
أملك الأوامر الإدارية بالقرارين “الفصل والعودة وعدد الجريدة الذي يوثّق الحالة..
قضيت فترة وصلت لشهورٍ مبعداً عن الصحيفة والعمل وأنا السمكة التي لا تعرف العيش بلا “كتابة” ماء، حتى عدت وبأمر إداري آخر بإمضاء “عزيزة” و” مصادقة سكرتير الأستاذ” بدرجة محرر (عضو هيئة تحرير) وسفرة إلى الأردن مع وفد منتخب العراق للتايكواندو عقب إلحاقي بـ”رابطة المحررين الرياضيين” ما تعرف اليوم بإتحاد الصحافة الرياضية العراقي مع اعتمادي “سكرتير تحرير ثالث” وهذه رفضتها لأني أكره المناصب والمكاتب وطبعاً ردّ الإعتبار لي وهو ما حصل..!!
ملاحظة أجدها مهمة وهي:
طيلة فترة العقوبة عملت مُصلحاً للولاعات الغازية (قدّاحة خاصة بإشعال السجائر) على (بسطية) صندوق يوضع خلفه كرسي في الشارع العام مرتدياً (بدلة) أنيقة (شيك) كان العمل ولزخَم من يراجعني، يدُرّ عليّ من “وسعٍ” يكفيني قوتيّ وزوجتي وعيالي ويفيض..!
هل تعلمون أن: ما حصلت عليه من عملي (هذا) كان أكثر مما صرف أو يصرف لي كـ(صحفي) وقتها في أبرز صحيفة رياضية عراقية على مرّ تاريخ الصحافة الرياضية العراقية..!
نعود ونكمل:
في يوم واحد أي (٢٤) ساعة فقط، كنت فيها الأفضل حاصد التكريم والأسوأ المفصول (مطرود) لسوء تصرفاته وتجاوزه على مرؤوسيه..!
هكذا جاء بخبر الفصل أو التقارير التي كتبت عن الاحتفالية..! ولا أعلم إن حصل هكذا شيء على مستوى العالم أن تكون “المائز والأقْذَعَ” .. أو هل يدخل “الأفضل والضحية “المقذوعة” في موسوعة غينيس لـ(الغرائب) والأرقام القياسية عن القرارات السريعة التي يتم اتخاذها..؟
وآهٍ يا زمن..
هذه السطور أحد الدروس للأجيال الراغبة بالعمل الصحفي أو العاملة فعلاً فيه لتعرف كيف تصنع وتصقل الأسماء وتخرج من وسط المعاناة والصبر والمهنية.. عملك هو من يحدد اتجاه بوصلتك..!
الصورة والوثائق لتعزيز الموضوع الذي هو جزء من كتاب أعمل على إنجازه تحت عنوان (الريشة لازالت في حبري) يحتوي أسراراً وأحداثاً عرفتها ومررت بها وعشتها في ميادين صاحبة الجلالة العراقية “السلطة الرابعة”..!