حسين أحمد الإمارة
– عشرة أعوام قضيتها في المعهد، بين مدرساً ورئيساً لقسم التربية الرياضية وبين العمل الإداري كمعاون فيه، منذ عام 1991حتى غادرت الوظيفة عام 2000 .
مع بدأ اليوم الدراسي الجديد..حركة دؤبة للطلبة.
منهم من يرغب بانتظام الدوام حرصاً ،وآخرين يتكاسلون وينتظرون إكتماله للالتزام به.
وجبة جديدة من الخريجين تغادر لتبدأ حياة تحمل المسؤولية لبناء وطن، وأخرى تضع قدمها على عتبة أبواب المعهد على أمل تخرجهم بعد خمس سنوات .
بعد أن تمت الموافقة على قبولهم نتيجة اجتيازهم المقابلة ألتي أجرتها لجنة القبول التي تشكلت من الإدارة والمدرسين، حتى تقاطروا للانتظام في الدوام.
سؤال من هذا عن مكانه واستفسار من ذاك عن المواد الدراسية المقررة لهم.
نرى آخرين يتجولون داخل البناية لاكتشاف المكان.
مشاهد مختلفة عما كانت عليه في مراحل التعليم الأولية.
يتفاعل الجميع مع بعضهم وتتكون علاقات صادقة لا ينفك عراها. إنه العمر الملائم في بروز شخصية الفرد والاعتداد بنفسه ونضوج افكاره.
بعض الأساتذة تقدموا مع الادارة لتنظيم الطلبة.
أيام معدودات حتى اكتمل جدول الحصص مع حظور جميع الطلبة.
التعليم بحد ذاته يختلف عن بقية الأنشطة، فهو متعلق بالتعامل مع الإنسان ،إن أحسنت إعداده..تمكنت من الحصول على أجيال صالحة تتولى على عاتقها بناء مجتمع.
من هنا تكمن ميزة التعليم وأهمية المعلم..
قسم من الطلبة تميزوا عن غيرهم وبرزوا في أنشطة وفعاليات مختلفة منها (الرياضية- الفنية- الشعر ) لرفع سمعة المعهد بين بقية المدارس. وهي من ضمن التخصصات الدراسية لهم.
من خصوصية المعهد أنه يختلف عن بقية المدارس،
فهو مثل سجادة جميلة نسجت من ألوان عديدة. فهم خليط من مناطق المدينة كافة ( مركز المدينة -قضاء الهندية-قضاء الحسينية-قضاء عين التمر ).إضافة للقرى والأرياف المحيطة.
وكذلك يتشكل من أطياف مجتمع متنوع ففيه ابناء (الموظف- الفلاح- العامل- الكاسب – والغني والفقير ) ، اجتمعوا للدراسة رغبة أو اضطراراً .
لهؤلاء الطلبة الأثر الكبير في رفد المؤسسات التعليمية ألتي تولت على عاتقها بناء جيل متعلم صالح .
ومنهم من أكمل دراسته الجامعية وآخرين حازوا على الشهادة العليا ( الماجستير والدكتوراه ) .
خلال فترة وجودي في المعهد عملت مع زملاء أحبة وأساتذة أكفاء من الناحية الإدارية والتدريسية، اكن لهم كل الاحترام، وهم نخبة من الاختصاصيين الذين ساهموا بشكل فعال بإعداد الأجيال المتعاقبة من المعلمين.
بعد أحداث عام 1991 تعرض البلاد إلى حصار جائر، إنعكس على حياة المجتمع سلباً ،مما أدى إلى قيام الكثير من الطلبة بالبحث عن عمل خارج أوقات الدوام من أجل الحصول على مورد يعين به أهله ويوفر بعض المال لسد إحتياجاته اليومية. وقد تمكن الكثير منهم باجتياز هذا الظرف القاسي واكملوا دراستهم.
أحد الطلبة إنقطع عن الدوام لمدة أسبوع، عندما كنت معاوناً إداريا. طلبت من صديق له أن يدلني على داره.
ذهبت للقاء الطالب المعني وطلبت منه العودة للدوام.
أطرق رأسه قائلا…
لو لم تأتي لداري لما عدت. فما جدوى الشهادة وانا لم أجد قوت يومي.
حينها اتفقنا على أن أساعده في أيام عمله على أن يكمل دراسته، والحمد لله حصل.
كان للطلبة مواقف رائعة لازالت عالقة في الذاكرة.
تصرفات عفوية من بعضهم تجلت فيها روح التقارب الاخوي بين الطالب والمدرس.
أعوام مرت سريعة حتى انهينا العمل في هذا المجال الشريف والانتقال إلى التقاعد بكل فخر واعتزاز…
للجميع..
أساتذة وطلاب…
أقدم لكم من الإحترام أجزله، ومن السلام الذي لا انقضاء له، ولا انتهاء ولا غاية ولا فناء.
الرحمة لمن وافاه الأجل من أساتذة وطلبة.
وطول العمر والحفظ والسلامة والصحة الدائمة لمن هم على قيد الحياة ..