وبدأت الحديث بصوت حزين مثقل بالهموم والألم، وقالت سلوى “خطفني عناصر التنظيم وباعوني في أسواق السبي بالموصل، يومذاك فرزوا النسوة حسب أعمارهن، ثم فُصلت المتزوجات عن الفتيات، ومن معها طفل عن التي ليس لديها أطفال، واشتراني مقاتل عراقي”.
تتذكر سلوى تلك الأيام والظروف العصيبة التي مرت بها خلال السنوات الخمس الماضية، حيث نُقلت من سنجار إلى تلعفر، ثم الموصل، ومنها إلى مدينة الرقة، وأجبرت على ممارسة أمور، وكشفت أنها تعرضت للاغتصاب مرات عدة، وأضافت “لن أنسى تلك اللحظات ما حييت، كنت سبية يبادلني قادة التنظيم بين بعضهم بعضاً، كانت هناك مزادات على موقع (تلغرام) الاجتماعي، وغرف مغلقة على تطبيق واتساب”.
وحدث هذا رغم أن سلوى متزوجة ولا تعلم شيئاً عن مصير زوجها أو عائلتها منذ ذاك الوقت، لافتة الى ان “والدتي وشقيقتي وأخي الصغير اختطفوا وتمكن أبي وأخي الاخر من الفرار، وهم يعيشون في أربيل، أما أختي المختطفة فشاهدتها مرة واحدة قبل ثلاثة أعوام بالرقة، من بعدها اختفى أثرها”.
وتمكنت سلوى من الفرار من قبضة مسلح كان ينحدر من دولة طاجكستان، بمساعدة وشجاعة طفلين عراقيين من مدينة صلاح الدين.
وادعى الأخوان أنها والدتهما وبعد خروج المحاصرين قبل ثلاثة أيّام من بلدة الباغوز، سارت معهما نحو التلة حيث تقف السيارات التي أقلتهم نحو مناطق قوات سوريا الديمقراطية.
واضافت سلوى “كي لا يفتضح أمري، ذهب الأخ الأصغر وصعد إلى السيارة، وبقي الأكبر برفقتي، عندما كان يسأل الدواعش من معك، كان يجيب إنها والدتي وهي مريضة، وهكذا تمكنا من الهرب”.
أما الأخوان صهيب ومنيب، فنقلا كيف عرضا على المقاتل الطاجيكي مبلغاً من المال لقاء السماح لسلوى بالفرار، وقال صهيب 16 سنة “دفعنا له 3 آلاف دولار، لكنه رفض، بعد خروجه وانشغاله بالقتال وأثناء خروج آلاف المحاصرين، ذهبنا إلى منزله وأخرجنا سلوى، ومشينا باتجاه التلة، ولو طلب أحدهم البطاقات الشخصية كان سيفتضح أمرنا”.
وخرج مئات الأشخاص المحاصرين بالباغوز مساء الأربعاء الماضي من آخر جيب لتنظيم “داعش” في شرق سوريا، من بينهم 11 طفلاً إيزيدياً كانوا محتجزين لدى عناصر التنظيم تمكنوا من الفرار.
ومنذ أسبوع أبطأت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية وتيرة عملياتها العسكرية، لإجلاء الراغبين في الخروج، ومنذ يوم الأحد الماضي خرج أكثر من 7 آلاف شخص، معظمهم من عائلات التنظيم واستسلام المئات منهم.
ويروي جابر البالغ من العمر (11 عاماً) الذي ينحدر من مدينة سنجار العراقية، كيف تم خطفه عندما كان عمره 6 سنوات، ونقل بين مدن عراقية وسورية، وخضع لدورات وأُرغم على حمل السلاح وكيفية تنفيذ هجوم انتحاري، وقال “كانوا يقولون لنا إننا أشبال داعش ذراع التنظيم العسكرية، ودرّبونا على استخدام الأحزمة الناسفة وحمل السلاح، كان يضربوننا كثيراً ليشد ساعدنا، كنا نعيش في معسكرات مغلقة لتلقي التدريبات”.
وعاش عشرات الألاف من الإيزيديين في قضاء سنجار شمال العراق، حالة من التشرد إثر حصار فرضه عناصر التنظيم بين عامي 2014 و2015 على موطن الأقلية الإيزيدية، وتعرّض الكثير منهم إلى مذابح، في حين لم يتحدد مصير المئات من الرجال والشباب، وبحسب مصادر إيزيدية، هناك أكثر من 500 فتاة وامرأة إيزيدية لا يزلن رهينات ومختطفات لدى التنظيم يرجّح أن يكن في بلدة الباغوز.
ولا يزال الطفل جندو (13 سنة) المنحدر من قرى جبال سنجار، يعيش حالة من الصدمة والذهول بعد سنوات أمضاها في قبضة التنظيم المتطرف، لا يصدق أنه وصل إلى نقطة آمنة خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية الكردية – العربية، وقال “أجبروني على كثير من الأمور، كنت أتعرض للسجن كلما تحدثت بلغتي الأم الكردية، خلال الأيام الأخيرة بالباغوز كانوا يطعموننا شوربة فقط، حتى الخبز لم يكن متوفراً”.
ولفت الى انه “يجهل مصير عائلته، واكد “آنذاك قتلوا والدي واختطفت أمي، أما شقيقاتي البنات فمختطفات منذ ذلك الصيف، كما لدي أخ صغير مختطف بحثت عنه كثيراً ولم أجده”.