احمد عاصم –
منذ اول يوم دراسي لنا في المدرسة كثيراً ما نسمع السؤال الشهير ( ماذا تريد ان تصبح في المستقبل ) ؟؟ وهنا يبادر البعض للتفكير في المهن والوظائف ذات المدخول المادي الوفير باختيارهم ، مثلا ان يكونوا اما اطباء او مهندسين … الخ ، اما البعض الاخر وهم القلة القليلة التي تفكر بأمتهانهم لهكذا مهن للغاية الاسمى الا وهي الانسانية !! ونحن في العراق تحديداً جسدنا هذا الجانب ( الانساني ) بأروع صور سطرها ممن يتحلون بالضمير الحي والحس العالي بالمسؤولية كوسام يحملونه على صدورهم بكل فخر واعتزاز . وانا اليوم بصدد سرد قصة البطلة الكربلائية آيات احمد عباس التي اتخذت من اختصاصها الجامعي بوابة لعالم جميل خالٍ من الألم لأكثر فئة تحتاجه الا وهم الاطفال المصابين بمرض السرطان عافانا الله واياكم من كل داء و وباء . آيات احمد عباس – ٢٤ عاما – ماجدة كربلائية تدرس علم النفس في جامعة كربلاء سخرت جهودها واختصاصها لتنتشل الاطفال من عالم الألم الى عالم الأمل جنباً الى جنب مع زملاء لها و اصدقاء كانوا ولا يزالون نواة للأسرة الثانية لهؤلاء الاطفال . لم تكن ايات تعلم بأن زيارتها العابرة التي حدثت في مطلع عام 2017 ستكون بمثابة البداية لثورة الامل مع فريقها ( نگدر نتفاعل للدعم النفسي ) الذي تكون رويداً رويدا في مستشفى الامام الحسين (ع) التعليمي من زملاء دراسة واصدقاء كانوا يشاركونها نفس الحس الانساني ، والتي كانت البداية كما كان متوقعا ليست بالسهلة خصوصاً على فريق مكون من خمس طلاب مثابرين بدأت مسؤولياتهم بالتزايد يوماً تلو الآخر وخصوصاً بعد كل بسمة تعلو شفاه الاطفال المصابين كان لفريقهم دورا كبيرا لرسمها وهذا كان بمثابة الدافع القوي و الاصرار للجميع على المضي قدماً لأيصال رسالتهم الإنسانية للعالم . وما ان اخذ فريقهم بالتوسع وانضمام اعضاء جدد له اتسعت مساحة عملهم ليغطوا الجوانب المهمة الأخرى مثل الجانب الصحي والغذائي وكذلك الجانب النفسي لما له من اثر فعال في سعادة الاطفال ، كذلك هموا ببناء اكاديمية تحتوي على قاعات للدراسة و الالعاب للتخفيف من مضاعفات العلاج وبتواصل يومي بالتناوب بين اعضاء الفريق اضافة الى الارشادات اللازم اتباعها من قبل ذوي الطفل عند التعامل معهم لما يحتاجوه من معاملة خاصة . كذلك توسع عمل الاكاديمية ليشمل احياء و تجديد للمطبخ المتهالك في المستشفى والذي ترتب عليه تقديم وجبات مجانية حسب رغبة الاطفال بهدف اسعادهم . كل هذا واكثر كان باعتمادهم على تمويل رمزي بسيط اقتصر على اعضاء الفريق و اصدقائهم و اقاربهم ممن يتحلون بالمسؤولية العالية و أيمانهم الشديد بأن سعادتهم مقرونة بسعادة هذه الفئة البريئة والصغيرة ، ورغم جائحة كورونا والتي كانت تجبر الفريق بالابتعاد عن الاطفال لمناعتهم الشبة معدومة لكن ذلك لم يثنيهم عن عزمهم واخذوا يتواصلون مع الممرضين المخصصين للعناية بالاطفال الكترونياً لتلبية كافة الاحتياجات وتوفير المستلزمات الضرورية ليبقى الاطفال في سعادة دائمة و شفاه مبتسمة رغم الالم . وفي كلمة اخيرة لمؤسس فريق ( نكدر نتفاعل للدعم النفسي ) الطالبة آيات احمد تحث كل من يفكر بأنشاء عمله الانساني الخاص به او يفكر بدعم وتمويل المشاريع الجارية على ضرورة الاسراع بذلك لأن هنالك من يتألم و يستغيث لطلب يد العون ، كذلك هي رسالة توعية للذين لا يقدرون نعم الله عليهم ومنها الصحة التي تغمرنا ولا نعرف قيمتها الا بفقدانها . شكرا لهذا الفريق التطوعي الفتي الذي اشعرنا ان الدنيا لا زالت بخير .