مقالات

ماذا لو تُرك التعداد العام للسكان في العراق مجددا؟

 

صباح زنكنة 

من دون مقدمات ينبغي أن نفهم بوضوح بان الإحصاء السكاني أداة أساسية لأي دولة تسعى لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة مواطنيها.

اذ يعد التعداد او الاحصاء السكاني في العراق خطوة أساسية لضمان توزيع عادل للموارد والخدمات وتحقيق التنمية المستدامة وبدون هذا التعداد، قد يواجه العراق تحديات كبيرة يصعب عندها تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مما يجعل من الضرورة بمكان اتخاذ كل الخطوات اللازمة لضمان إتمام هذا المشروع بنجاح ، وطبعا ينجح المشروع بالشكل الامثل بوجود الاستقرار السياسي والسلم المجتمعي وغياب المحسوبية والحزببة والفساد المالي والاداري .

فالتعداد السكاني لعام 2024 سيتميز انه ذا أهمية قصوى بالنظر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، إذ يهدف التعداد إلى جمع بيانات دقيقة وشاملة عن عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي، بالإضافة إلى معلومات تتعلق بالعمر والجنس والتعليم والعمل والدخل وغيرها من المؤشرات الحيوية.

ومن هناك لابد من ذكر خمس أركان اساسية يهدف اليه التعداد السكاني .
الاولى التخطيط الحكومي السليم حيث يساعد في توفير بيانات دقيقة يمكن استخدامها لوضع السياسات العامة والخطط التنموية المهمة ومن دون هذه البيانات، سيتعذر على الحكومة تحديد الاحتياجات الأساسية للسكان كالتعليم والصحة والإسكان.

الثانية معرفة البنية التحتية، إذ يعتمد تطوير البنية التحتية بشكل كبير على البيانات السكانية الدقيقة والتي يمكن للحكومة استخدام بيانات التعداد السكاني لتحديد المناطق التي تحتاج إلى تحسين في شبكات الطرق والمياه والكهرباء والانترنت وغيرها من الخدمات العامة والتي تعد العصب الاساس لحاجة المواطنين.

الثالثة تكمن في توزيع الموارد والثروة ، فالتعداد السكاني يسهم في تحسين توزيع الموارد بين المناطق المختلفة في البلاد وبشكل عادل من خلال معرفة عدد السكان في كل منطقة واحتياجاتهم الضرورية، ويمكن للحكومة تخصيص ميزانيات معينة بشكل أكثر فعالية لضمان وصول الخدمات إلى المناطق الأكثر احتياجًا اوتضررا .

الرابعة تكتمن في تعاون المنظمات الدولية فبيانات التعداد السكاني تعتبر أساسية بالنسبة للمجتمع الدولي والمنظمات المانحة التي تسعى لتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للعراق وان انعدام توفر بيانات دقيقة، قد يجعل من الصعب تحديد أولويات المساعدات وضمان وصولها إلى الفئات المستحقة في داخل البلاد.

الخامسة تكمن في مجالات الأمن الوطني والقومي للبلاد فهذا التعداد سيكون له اليد المولى في تعزيز الأمن الوطني عبر توفير بيانات دقيقة تعين على فهم الديناميكيات السكانية والتحولات الديموغرافية التي قد تؤثر على الاستقرار الداخلي آنيا ومستقبليا.

وهنا لابد من تساؤل ماذا سيحصل في حال عدم القيام بالتعداد السكاني؟

من الواضح ان إهمال الإحصاء السكاني وتركه سيكون له آثار وتبعات خطيرة على مختلف الصعد ، من بينها الاختلال الطبقي .

فالاختلال الطبقي الاجتماعي وغياب تعداد دقيق قد يؤدي إلى تفاقم التفاوت في توزيع الخدمات والموارد بين المناطق المختلفة، مما يزيد من الفجوة الحاصلة بين المناطق الحضرية والريفية.

كما ان اهماله يؤدي الى سوء التخطيط والتدبير ،فبدون بيانات دقيقة، سيعاني التخطيط الحكومي من العشوائية والارتجالية، مما يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد وتفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

ولا ننسى حصول الضعف في مقاومة للأزمات عند غياب بيانات التعداد، فعندها ستكون الحكومة أقل قدرة على الاستجابة للأزمات الطارئة مثل الكوارث الطبيعية والمناخية أو الأزمات الاقتصادية، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.
ختاما قد يؤدي غياب التعداد إلى تقليل ثقة المجتمع الدولي في قدرة البلاد على إدارة موارده بشكل فعال، مما قد يؤثر سلبًا على تدفق المساعدات الخارجية في حال احتاج العراق اليها عند الكوارث والازمات.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى