رونق الغزالي
كشفت السلطات العراقية، أن درجات الحرارة المرتفعة ساهمت في ارتفاع معدلات العنف الأسري التي تصل في بعض الأحيان إلى القتل، وهي حالة وصفها ناشطون بأنها غريبة، لكن آخرين وجدوا أن العراق ما يزال بحاجة إلى إقرار قانون خاص بالعنف الأسري، الذي ترفضه الأحزاب المتحكمة بالسلطة بحجة أنه يخالف بعض العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية.
وقال مدير الشرطة المجتمعية في العراق العميد غالب العطية، إن حالات العنف الأسري تزداد طرديا مع ارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن “الشرطة المجتمعية لها دور مهم في الحد من حالات التعنيف الأسري والمجتمعي المتزايدة”، مبينا: “رصدنا زيادة في حالات التعنيف في الأجواء الحارة، وفي فصل الصيف أكثر من باقي فصول السنة، سجلنا حالات تعنيف النساء للأطفال ومنها زوجة الأب”.
وأضاف العطية، أن “هذه الحالة تحتاج إلى دراسة واتخاذ إجراءات للتوعية بين المتزوجين والشباب المقبلين على الزواج، وأن التوعية تكون توعية بالحياة الجدية وتكوين عائلة إضافة إلى الرصد، كما تم الاتفاق مع وزارة التربية لمراقبة التلاميذ والطلاب”، مشيراً إلى أن “بعض حالات التعنيف موجود في المدارس من خلال المعلمين، ونحن نثقف المواطنين للحد من هذه الظاهرة من خلال الاجتماع مع أولياء الأمور والحضور في الوزارات ومؤسسات المجتمع المدني”.
وكشفت لجنة المرأة والأسرة في البرلمان العراقي، في وقتٍ سابق، سعيها لتمرير قانون مناهضة العنف الأسري، وسط دعوات إلى تحمل البرلمان مسؤولية تمريره لما للعنف الأسري المستشري في البلد من مخاطر مجتمعية كبيرة، ويجري ذلك فيما تدق منظمات حقوقية عراقية ناقوس الخطر في تقاريرها، مؤكدة تسجيل معدلات غير مسبوقة للعنف الأسري في عموم البلاد، تجاه النساء والأطفال وكبار السن، زادت عن 15 ألف حالة عنف خلال العام 2021، الأمر الذي يدفع باتجاه محاولات تمرير القانون الذي صوت على مسودته مجلس الوزراء في صيف العام 2020، إلا أن البرلمان لم يتمكن من تمريره حتى الآن.
كما أجرت لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان عدة اجتماعات مع منظمات للمجتمع المدني، بحثت خلالها القانون وإمكانية صياغته بشكل مقبول، وعرضه على التصويت. ووفقاً لعضو اللجنة، النائبة بدرية إبراهيم البرزنجي، فإن “الاجتماعات بحثت الخروج بصيغة مقبولة لمشروع قانون العنف الأسري”، مؤكدة في تصريح للصحافيين ببغداد، أمس الثلاثاء، أن “اللجنة تسعى إلى تمرير القانون الذي ما يزال مرحلاً من الدورات السابقة”.
وأشارت إلى أن “اللجنة ما تزال في مرحلة تداول القانون ولم تجرِ تعديلات أو تغييرات عليه”، مؤكدة أن “الغاية من إقرار مشروع القانون هي الحفاظ على الأسرة العراقية، وليس تفكيكها”.
من جهتها، قالت الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان، نورس العلوي، إن “بعض الرجال للأسف يتحججون بأن حرارة الطقس هي السبب في جعلهم غاضبين من نسائهم وأطفالهم، وأن هذا الأمر غير مبرر”، موضحة أن “الحاجة تزداد يومياً بعد يوم لإقرار قانون العنف الأسري”.
وسبق أن أقرّ مجلس الوزراء العراقي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 مشروع قانون “مناهضة العنف الأسري”، ومرّره إلى البرلمان، لكن القانون لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل جهات سياسية في البرلمان، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الأحزاب الدينية التي ترى أن فيه استنساخا غربيا لا يناسب المجتمع العراقي، بسبب احتواء القانون على بنود تتضمن تكفل الدولة بحماية الضحية المعنفة وتوفير مأوى للنساء منهم، وتمكينهن ماديا ووظيفيا وعلميا، ضمن برنامج إعانات متكامل.
وما زال العراق يعتمد على مواد تشريعية ضمن القانون 111 لسنة 1969، والتي تسمح للزوج والأب بـ “تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع”. وتورد المادة الـ 41 من قانون العقوبات أنّه “لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون”. ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القُصَّر. وعادة ما تلجأ الشرطة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء “مصالحة” بين الطرفين في بعض الأحيان، وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.
نشرت هذه المادة الصحفية بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية UNDEF ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr